الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن حجر أرضا ولم يعمرها ثلاث سنين أخذها الإمام ودفعها إلى غيره ) ; لأن الدفع إلى الأول كان ليعمرها فتحصل المنفعة للمسلمين من حيث العشر أو الخراج فإذا لم تحصل يدفع إلى غيره تحصيلا للمقصود ، ولأن التحجير ليس بإحياء ليملكه به ; لأن الإحياء إنما هو العمارة والتحجير الإعلام ، سمي به ; لأنهم كانوا يعلمونه بوضع الأحجار حوله أو يعلمونه لحجر غيرهم عن إحيائه فبقي غير مملوك كما كان ، هو الصحيح ، وإنما شرط ترك ثلاث سنين لقول عمر رضي الله عنه " ليس لمتحجر بعد ثلاث سنين حق " ولأنه إذا أعلمه لا بد من زمان يرجع فيه إلى وطنه وزمان يهيئ أموره فيه ثم زمان يرجع فيه إلى ما يحجر فقدرناه بثلاث سنين ; لأن ما دونها من الساعات والأيام والشهور لا يفي بذلك ، وإذا لم يحضر بعد انقضائها فالظاهر أنه تركها . [ ص: 204 ] قالوا : هذا كله ديانة فأما إذا أحياها غيره قبل مضي هذه المدة ملكها لتحقق الإحياء منه دون الأول فصار كالاستيام فإنه يكره ، ولو فعل يجوز العقد . ثم التحجير قد يكون بغير الحجر بأن غرز حولها أغصانا يابسة أو نقى الأرض وأحرق ما فيها من الشوك أو خضد ما فيها من الحشيش أو الشوك وجعلها حولها وجعل التراب عليها من غير أن يتم المثناة ليمنع الناس من الدخول أو حفر من بئر ذراعا أو ذراعين .

                                                                                                        وفي الأخير ورد الخبر ، ولو كربها وسقاها فعن محمد رحمه الله أنه إحياء ، ولو فعل أحدهما يكون تحجيرا ولو حفر أنهارها ، ولم يسقطها يكون تحجيرا ، وإن كان ساقها مع حفر الأنهار كان إحياء لوجود الفعلين ، ولو حوطها أو سنمها بحيث يعصم الماء يكون إحياء ; لأنه من جملة البناء وكذا إذا بذرها .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية