الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 103 ] قال : ( ومن دعي إلى وليمة أو طعام فوجد ثمة لعبا أو غناء فلا بأس بأن يقعد ويأكل ) فقال أبو حنيفة رحمه الله : ابتليت بهذا مرة فصبرت ، وهذا ; لأن إجابة الدعوة سنة ، قال عليه الصلاة والسلام : " { من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم }" فلا يتركها لما اقترنت به من البدعة من غيره كصلاة الجنازة واجبة الإقامة ، وإن حضرتها نياحة ، فإن قدر على المنع منعهم وإن لم يقدر يصبر ، [ ص: 104 ] وهذا إذا لم يكن مقتدى به ، فإن كان مقتدى ، ولم يقدر على منعهم يخرج ولا يقعد ; لأن في ذلك شين الدين وفتح باب المعصية على المسلمين ; والمحكي عن أبي حنيفة رحمه الله في الكتاب كان قبل أن يصير مقتدى به ، ولو كان ذلك على المائدة لا ينبغي أن يقعد ، وإن لم يكن مقتدى لقوله تعالى: { فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين }وهذا كله بعد الحضور ، ولو علم قبل الحضور لا يحضر ; لأنه لم يلزمه حق الدعوة ، بخلاف ما إذا هجم عليه ; لأنه قد لزمه ، ودلت المسألة على أن الملاهي كلها حرام حتى التغني بضرب القضيب ، وكذا قول أبي حنيفة رحمه الله : ابتليت ; لأن الابتلاء بالمحرم يكون .

                                                                                                        [ ص: 103 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 103 ] الحديث الثالث : قال عليه السلام : " { من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم }" ; قلت : أخرج مسلم بمعناه الصحيح في " النكاح " عن ثابت بن عياض الأعرج عن أبي هريرة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : شر الطعام طعام الوليمة ، يمنعها من يأتيها ، ويدعى إليها من يأباها ، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله }انتهى . هكذا رواه مسلم مرفوعا ، ورواه الباقون إلا الترمذي موقوفا من حديث ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أنه كان يقول : شر الطعام طعام الوليمة ، يدعى إليها الأغنياء ، ويترك الفقراء ، ومن لم يجب دعوة ، فقد عصى الله ورسوله انتهى

                                                                                                        أخرجه البخاري ، وابن ماجه في " النكاح " ، وأبو داود في " الأطعمة " ، والنسائي في " الوليمة " ، ولكنه موقوف في حكم المرفوع .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه أبو داود في " الأطعمة " حدثنا مسدد بن مسرهد عن درست بن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { من دعي فلم يجب ، فقد عصى الله ورسوله ، ومن دخل على غير دعوة دخل سارقا ، وخرج مغيرا }انتهى .

                                                                                                        وأبان بن طارق ، قال أبو زرعة : هو شيخ مجهول ، وقال ابن عدي : لا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولا الحديث إلا به ، ودرست بن زياد أيضا لا يحتج بحديثه ، [ ص: 104 ] وقيل : هو درست بن حمزة ، وقيل : بل هما اثنان ضعيفان ، قاله المنذري ، لكن رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا زهير ثنا يونس بن محمد ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { قال : إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله } ، انتهى




                                                                                                        الخدمات العلمية