الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإن كان سفل لا علو عليه ، وعلو لا سفل له وسفل له علو قوم كل واحد على حدته وقسم بالقيمة ولا معتبر بغير ذلك ) قال رضي الله عنه : هذا عند محمد رحمه الله وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما اللهيقسم بالذرع . لمحمد أن السفل يصلح لما لا يصلح له العلو من اتخاذه بئر ماء أو سردابا أو إصطبلا أو غير ذلك ، فلا يتحقق التعديل إلا بالقيمة وهما يقولان إن القسمة بالذرع هي الأصل ; لأن الشركة في المذروع لا في القيمة فيصار إليه ما أمكن ، والمراعى التسوية في السكنى لا في المرافق ، ثم اختلفا فيما بينهما في كيفية القسمة بالذرع ; فقال أبو حنيفة رحمه الله ذراع من سفل بذراعين من علو .

                                                                                                        وقال أبو يوسف رحمه الله ذراع بذراع .

                                                                                                        قيل : أجاب كل واحد منهم على عادة أهل عصره أو أهل بلده في تفضيل السفل على العلو واستوائهما ، وتفضيل السفل مرة والعلو أخرى ، وقيل هو اختلاف معنى ، ووجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن منفعة السفل تربو على منفعة العلو بضعفه ; لأنها تبقى بعد فوات العلو ، ومنفعة العلو لا تبقى بعد فناء السفل ، وكذا السفل فيه منفعة البناء والسكنى وفي العلو السكنى لا غير ; إذ لا يمكنه البناء على علوه إلا برضا صاحب السفل فيعتبر ذراعان منه بذراع من السفل . ولأبي يوسف : أن المقصود أصل السكنى وهما يتساويان فيه والمنفعتان متماثلتان ; لأن لكل واحد منهما أن يفعل ما لا يضر بالآخر على أصله . ولمحمد أن المنفعة تختلف باختلاف الحر والبرد بالإضافة إليهما فلا يمكن التعديل إلا بالقيمة والفتوى اليوم على قول محمد رحمه الله ، وقوله : لا يفتقر إلى [ ص: 15 ] التفسير . وتفسير قول أبي حنيفة رحمه الله في مسألة الكتاب أن يجعل بمقابلة مائة ذراع من العلو المجرد ثلاثة وثلاثون وثلث ذراع من البيت الكامل ; لأن العلو مثل نصف السفل فثلاثة وثلاثون وثلث من السفل ستة وستون وثلثان من العلو المجرد ومعه ثلاثة وثلاثون وثلث ذراع من العلو فبلغت مائة ذراع تساوي مائة من العلو المجرد ، ويجعل بمقابلة مائة ذراع من السفل المجرد من البيت الكامل ستة وستون وثلثا ذراع ; لأن علوه مثل نصف سفله فبلغت مائة ذراع كما ذكرنا ، والسفل المجرد ستة وستون وثلثان ; لأنه ضعف العلو فيجعل بمقابلة مثله وتفسير قول أبي يوسف رحمه الله أن يجعل بإزاء خمسين ذراعا من البيت الكامل مائة ذراع من السفل المجرد ، ومائة ذراع من العلو المجرد ; لأن السفل والعلو عنده سواء فخمسون ذراعا من البيت الكامل بمنزلة مائة ذراع خمسون منها سفل وخمسون منها علو .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية