وأما وهو المطبوخ أدني طبخة ، ويسمى الباذق والمنصف وهو ما ذهب نصفه بالطبخ ، فكل ذلك حرام عندنا إذا غلى واشتد وقذف بالزبد أو إذا اشتد على الاختلاف . وقال العصير إذا طبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه الأوزاعي : إنه مباح وهو قول بعض المعتزلة ; لأنه مشروب طيب وليس بخمر .
ولنا أنه رقيق ملذ مطرب ، ولهذا يجتمع عليه الفساق فيحرم شربه دفعا للفساد المتعلق به . وأما فهو حرام مكروه . وقال نقيع التمر وهو المسكر وهو النيء من ماء التمر أي الرطب : إنه مباح لقوله تعالى: { شريك بن عبد الله تتخذون منه [ ص: 227 ] سكرا ورزقا حسنا }امتن علينا به وهو بالمحرم لا يتحقق . ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، ويدل عليه ما رويناه من قبل ، والآية محمولة على الابتداء إذا كانت الأشربة مباحة كلها ، وقيل : أراد به التوبيخ معناه والله أعلم : تتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا . وأما فهو حرام إذا اشتد وغلى ويتأتى فيه خلاف نقيع الزبيب : وهو النيء من ماء الزبيب الأوزاعي ; وقد بينا المعنى من قبل إلا أن حرمة هذه الأشربة دون حرمة الخمر التي لا يكفر مستحلها ويكفر مستحل الخمر ; لأن حرمتها اجتهادية ، وحرمة الخمر قطعية ، ولا يجب الحد بشربها حتى يسكر ، ويجب بشرب قطرة من الخمر ونجاستها خفيفة في رواية وغليظة في أخرى ونجاسة الخمر غليظة رواية واحدة ، ويجوز بيعها ويضمن متلفها عند رحمه الله خلافا لهما فيهما ; لأنه مال متقوم وما شهدت دلالة قطعية بسقوط تقومها ; بخلاف الخمر غير أن عنده يجب قيمتها لا مثلها على ما عرف ، ولا ينتفع بها بوجه من الوجوه ; لأنها محرمة وعن أبي حنيفة رحمه الله [ ص: 228 ] أنه يجوز بيعها إذا كان الذاهب بالطبخ أكثر من النصف دون الثلثين . أبي يوسف