الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما اللهدون صاحبه ) إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله . وقال أبو يوسف رحمه الله : ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميع الأشياء ، لأن الوصاية سبيلها الولاية وهي وصف شرعي لا تتجزأ فيثبت لكل منهما كملا كولاية الإنكاح للأخوين ، وهذا لأن الوصاية خلافة ، وإنما تتحقق إذا انتقلت الولاية إليه على الوجه الذي كان ثابتا للموصي وقد كان يوصف بالكمال ، ولأن اختيار الأب إياهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما [ ص: 543 ] بالشفقة ، فينزل ذلك منزلة قرابة كل واحد منهما . ولهما أن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصف التفويض وهو وصف الاجتماع إذ هو شرط مقيد وما رضي الموصي إلا بالمثنى ، وليس الواحد كالمثنى بالتصرف بخلاف الأخوين في الإنكاح ، لأن السبب هنالك القرابة وقد قامت بكل منهما كملا ، ولأن الإنكاح حق مستحق لها على الولي حتى لو طالبته بإنكاحها من كفء يخطبها يجب عليه ، وهاهنا حق التصرف للوصي ، ولهذا يبقى مخيرا في التصرف ; ففي الأول أوفى حقا على صاحبه فصح وفي الثاني استوفى حقا لصاحبه فلا يصح ، أصله الدين الذي عليهما ولهما بخلاف الأشياء المعدودة لأنها من باب الضرورة لا من باب الولاية . ومواضع الضرورة مستثناة أبدا ، وهي ما استثناه في الكتاب وأخواتها فقال : ( إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه ) لأن في التأخير فساد الميت ، ولهذا يملكه الجيران عند ذلك ( وطعام الصغار وكسوتهم ) لأنه يخاف موتهم جوعا وعريا ( ورد الوديعة بعينها ورد المغصوب والمشترى شراء فاسدا وحفظ الأموال وقضاء الديون ) لأنها ليست من باب الولاية فإنه يملكه المالك ، وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه وحفظ المال يملكه من يقع في يده فكان من باب الإعانة ولأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي ( وتنفيذ وصية بعينها وعتق عبد بعينه ) لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي ( والخصومة في حق الميت ) لأن الاجتماع فيها متعذر ولهذا ينفرد بها أحد الوكيلين ( وقبول الهبة ) لأن في التأخير خيفة الفوات ، ولأنه تملكه الأم والذي في حجره فلم يكن من باب الولاية ( وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف ) لأن فيه ضرورة لا تخفى ( وجمع الأموال الضائعة ) لأن في التأخير خشية الفوات ، ولأنه يملكه كل من وقع في يده فلم يكن من باب الولاية . وفي الجامع الصغير : وليس لأحد الوصيين أن يبيع أو يتقاضى ، والمراد بالتقاضي الاقتضاء كذا كان المراد منه في عرفهم ، وهذا لأنه رضي بأمانتهما جميعا في القبض ، ولأنه في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس على ما [ ص: 544 ] عرف فكان من باب الولاية .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية