الركن الثاني : ، وهي نفس السرقة ، فلا قطع على من أخذ عيانا ، كالمختلس والمنتهب ، فالمختلس : هو من يعتمد الهرب ، والمنتهب : الذي يعتمد القوة والغلبة ، ولا يقطع المودع إذا جحد ، وفيه ثلاثة أطراف : الأول في إبطال الحرز ، وقد يكون بالنقب وفتح الباب ، وقد يكون بتغييبه عن نظر الملاحظ ، وفيه صور : الأولى : إذا أخذ المال على وجه الخفية ، فإن علم صاحب الحرز بالنقب ، أو كان ظاهرا يراه الطارقون ، وبقي كذلك ، [ ص: 134 ] فلا قطع ، لانتهاك الحرز ، وإلا فيقطع على الأصح ، وبه قال نقب ، ثم عاد وأخرج نصابا في ليلة أخرى ابن سريج وغيره ، كما لو نقب وأخرج المال آخر ، ولو نقب واحد ، ودخل آخر الحرز وأخرج المال في الحال ، أو بعده لم يقطع واحد منهما ، ويضمن الأول الجدار .
والثاني ما أخذه ، وقيل : في وجوب القطع على الثاني قولان ، والمذهب الأول ، فلو كان في الدار حافظ قريب من النقيب ، وهو يلاحظ المتاع فهو محرز به ، فيقطع الآخذ . وإن كان الحافظ نائما ، لم يقطع في الأصح كما سبق فيمن نام في الدار وبابها مفتوح .
الثانية : تعاون شريكان على النقب ، وأخرجا نصابين ، بأن أخرج كل واحد نصابا ، أو حملا متاعا يساوي نصابين ، لزمهما القطع ، وإن تعاونا على النقب ، وانفرد أحدهما بالإخراج ، فالقطع على المخرج خاصة ، وحكى الإمام في المخرج وجها شاذا جدا ، ولو نقب واحد ، ودخل مع آخر ، وأخرجا المال ، قطع الجامع بين النقب والإخراج دون الآخر ، ولو اشتركا في النقب ولم يخرجا إلا نصابا ، فقد سبق أنه لا قطع على واحد منهما ، ولو أخرج أحدهما بعد الاشتراك في النقب ثلثا ، والآخر سدسا ، قطع صاحب الثلث دون الآخر ، وفيما يحصل به الاشتراك في النقب وجهان ، أحدهما : لا يحصل بأخذ آلة واحدة ويستعملاها معا ، كما لا يحصل الاشتراك في قطع اليد إلا بأن يمرا حديدة واحدة ، وأصحهما : تحصل الشركة وإن أخذ هذا لبنات وهذا لبنات .
الثالثة : الشريكان في النقب ، إذا دخل أحدهما ووضع المتاع قريبا من النقب ، أو دخل أحد السارقين ووضعه قريبا من باب الحرز ، وأدخل الآخر يده وأخذه ، فالقطع على الثاني المخرج دون الأول ، وكذا لو ، فالقطع عليه لا على الأول ، وعليهما الضمان ، ولو وضع الداخل المتاع خارج الحرز أو الباب ، وأخذه الآخر ، فالقطع على المخرج دون الآخذ ، ولو وضع المتاع على وسط النقب ، فأخذه الآخر وأخرجه وهو يساوي نصابين فقولان ، أحدهما : يقطعان ، وأظهرهما : لا قطع على واحد منهما ، ولو ناول الداخل الخارج في فم النقب ، قال وقف أحدهما على طرف السطح ، ونزل الآخر وجمع الثياب وربطها [ ص: 135 ] بحبل ، فرفعها الواقف الروياني : لا يقطع واحد منهما ، ذكره بعد حكايته القولين المذكورين ، ويشبه أن يكون هذا تفريعا على الأظهر ، وإلا فلا فرق ، ولو نقب اثنان ودخلا ، وأخذ أحدهما المال وشده على وسط الآخر ، فخرج به الآخر ، فالقطع على هذا الآخر دون الأول ، ولو أن الآخر أخذ المال فأخرجه والمتاع في يده ، قطع المحمول ، وفي الحامل وجهان ، أصحهما : لا يقطع ؛ لأنه ليس بحامل للمال ، ولهذا لو حلف لا يحمل طبقا ، فحمل رجلا حاملا طبقا ، لا يحنث ، ولو نقب زمن وأعمى ، وأدخل الأعمى الزمن فأخذ المال ، وحمله الأعمى وأخرجه ، قطع الزمن ، وفي الأعمى الوجهان ، قال صاحب " البيان " : ولو أن الأعمى حمل الزمن وأدخله ، فدل الزمن الأعمى على المال ، وأخذه ، وخرج به قطع الأعمى ، ولا يقطع الزمن على الأصح ، ولو نقب واحد ودخل ، فوضع المتاع على وسط النقب ، فأخذه آخر ، أو دخل غير الناقب ووضعه في الوسط ، فأخذه الناقب ، فلا قطع على واحد منهما .
فرع
لا فرق في هتك الحرز بين النقب ، وكسر الباب ، وقلعه ، وفتح المغلاق والقفل ، وتسور الحائط ، فيجب القطع بأخذ المال في جميع هذا الأحوال .