الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
تنبيهات الأول: قال أهل البديع: أحسن السجع ما تساوت قرائنه، نحو: في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود . ويليه ما طالت قرينته الثانية نحو: والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى . والثالثة نحو: خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه الآية. وقال ابن الأثير: الأحسن في الثانية المساواة، وإلا فأطول قليلا، وفي الثالثة أن تكون أطول. وقال الخفاجي: لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى. الثاني: قالوا: أحسن السجع ما كان قصيرا، لدلالته على قوة المنشئ، وأقله كلمتان نحو: يا أيها المدثر قم فأنذر . و والمرسلات عرفا . والذاريات ذروا . و والعاديات ضبحا الآيات. [ ص: 42 ] والطويل - ما زاد على العشرة كغالب الآيات، وما بينهما متوسط كآيات سورة القمر. الثالث: قال الزمخشري في كشافه القديم: لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سردها على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم والقوافي، فأما أن تهمل المعاني ويهتم بتحسين اللفظ وحده، غير منظور فيه إلى مؤداه، فليس من قبيل البلاغة، وبني على ذلك أن التقديم في: وبالآخرة هم يوقنون - ليس لمجرد الفاصلة، بل لرعاية الاختصاص. الرابع: مبنى الفواصل على الوقف، ولهذا ساغ مقابلة المرفوع بالمجرور، وبالعكس، كقوله: إنا خلقناهم من طين لازب ، مع قوله: عذاب واصب ، و شهاب ثاقب ، وقوله: بماء منهمر ، مع قوله: قد قدر سحر مستمر . وقوله: وما لهم من دونه من وال ، مع قوله: وينشئ السحاب الثقال . الخامس: كثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المد واللين وإلحاق النون. وحكمته وجود التمكن مع التطريب بذلك، كما قال سيبويه: إنهم إذا ترنموا يلحقون الألف والياء والنون، لأنهم أرادوا مد الصوت، ويتركون ذلك إذا لم يترنموا، وجاء القرآن على أسهل موقف وأعظم مقطع. السادس: حروف الفواصل إما متماثلة، وإما متقاربة، فالأول مثل: والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور . والثاني مثل: الرحمن الرحيم مالك يوم الدين . ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب . قال الإمام فخر الدين وغيره: إن فواصل القرآن لا تخرج عن هذين [ ص: 43 ] القسمين، بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة، قال: وبهذا يترجح مذهب الشافعي على مذهب أبي حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات من البسملة وجعل صراط الذين ... إلى آخرها آية، فإن من جعل آخر الآية: أنعمت عليهم مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات السورة لا بالمماثلة ولا بالمقاربة، ورعاية المتشابه في الفواصل لازمة. السابع: كثر في الفواصل التضمين والإيطاء، لأنهما ليسا بعيبين في النثر وإن كانا عيبين في النظم. فالتضمين أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقا بها، كقوله تعالى: وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون . والإيطاء تكرر الفاصلة بلفظها، كقوله تعالى: في الإسراء: هل كنت إلا بشرا رسولا . وختم بذلك الآيتين بعدها.

التالي السابق


الخدمات العلمية