الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          المسألة الثالثة والعشرون

          هل يمكن وجود خبر أو دليل ولا معارض له وتشترك الأمة في عدم العلم به ؟ اختلفوا فيه ، فمنهم من جوزه مصيرا منه إلى أنهم غير مكلفين بالعمل [1] ، بما لم يظهر لهم ولم يبلغهم ، فاشتراكهم في عدم العلم به لا يكون خطأ فإن عدم العلم ليس من فعلهم ، وخطأ المكلف من أوصاف فعله .

          ومنهم من أحاله مصيرا منه إلى أنهم لو اشتركوا في عدم العلم به ، لكان ذلك سبيلا لهم ولوجب على غيرهم اتباعه ، وامتنع تحصيل العلم به لقوله تعالى : ( سبيل المؤمنين ) الآية .

          [ ص: 280 ] والمختار أنه لا مانع من اشتراكهم في عدم العلم به ، وإن كان عملهم موافقا لمقتضاه لعدم تكليفهم بمعرفة ما لم يبلغهم ولم يظهر لهم ، وأما الآية فلا حجة فيها هاهنا ، لأن سبيل كل طائفة ما كان من الأفعال المقصودة لهم المتداولة فيما بينهم باتفاق منهم على ما هو المتبادر إلى الفهم من قول القائل : سبيل فلان كذا وسبيل فلان كذا .

          وعدم العلم ليس من فعل الأمة فلا يكون سبيلا لهم ، كيف وإنا نعلم أن المقصود من الآية إنما هو الحث على متابعة سبيل المؤمنين ، ولو كان عدم العلم بالدليل سبيلا لهم لكانت الآية حاثة على متابعته ، والشارع لا يحث على الجهل بأدلته الشرعية إجماعا .

          وأما إن كان عملهم على خلافه فهو محال لما فيه من إجماع الأمة على الخطأ المنفي بالأدلة السمعية .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية