فأما مرثد ، وخالد ، وعاصم فقالوا: والله لا نقبل من مشرك عهدا، وقاتلوا حتى قتلوا . فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد: لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن فيه الخمر .
قال أبو جعفر الطبري: وجعلت لمن جاء برأسه مائة ناقة.
رجع إلى خبر فمنعه الدبر ، فلما حالت بينهم وبينه، قالوا: دعوه حتى يمسي فنأخذه، فبعث الله الوادي، فاحتمل ابن إسحاق: عاصما فذهب به، وقد كان عاصم أعطى الله عهدا أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركا أبدا .
وأما زيد بن الدثنة ، وخبيب ، وابن طارق فلانوا ورقوا، ورغبوا في الحياة، فأعطوا بأيديهم، فأسروهم، ثم خرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها، حتى إذا كانوا بالظهران، انتزع عبد الله بن طارق يده من القران، ثم أخذ سيفه واستأخر عن القوم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبر بالظهران يرحمه الله.
وأما خبيب ، وزيد فقدموا بهما مكة ، فباعوهما من قريش بأسيرين من هذيل كانا بمكة ، فابتاع خبيبا ، حجير بن أبي إهاب التميمي، حليف بني نوفل، لعقبة بن الحارث بن عامر ليقتله بأبيه . وأما زيد بن الدثنة فابتاعه ليقتله بأبيه، فأخرجه مع مولى له يقال له: صفوان بن أمية، نسطاس، إلى التنعيم ، خارج الحرم ليقتله، واجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن [ ص: 65 ] حرب، فقال له حين قدم ليقتل: أنشدك بالله يا أبو سفيان زيد، أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فقال: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني لجالس في أهلي، قال: يقول ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب أبو سفيان، محمد محمدا، ثم قتله نسطاس، يرحمه الله.
ورأيت في كتاب (ذيل المذيل) لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، يرثي أصحاب الرجيع الستة: لحسان بن ثابت
ألا ليتني فيها شهدت ابن طارق وزيدا وما تغني الأماني ومرثدا ودافعت عن حبي خبيب وعاصم
وكان شفاء لو تداركت خالدا