غزوة ذات الرقاع
قال ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بني النضير شهر ربيع ، - وقال ابن إسحاق: الوقشي: الصواب شهري ربيع وبعض جمادى - ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، ويقال: فيما قال عثمان بن عفان وقال: حتى نزل نخلا، وهي غزوة ذات الرقاع، وسميت بذلك لأنهم رقعوا فيها راياتهم ، ويقال: ذات الرقاع، شجرة بذلك الموضع وقيل: لأن أقدامهم نقبت، فكانوا يلفون عليها الخرق، وقيل: بل الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان تشبه الرقاع. ابن هشام،
قال فلقي بها جمعا من غطفان، فتقارب الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضا، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف، ثم انصرف بالناس. ابن إسحاق:
قال وكان ذلك أول ما صلاها. وبين الرواة خلف في صلاة الخوف، ليس هذا موضعه. ابن سعد:
رجع إلى الأول: قال حدثني ابن إسحاق: ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن جابر بن عبد الله; أن رجلا من بني محارب يقال له: غورث قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدا؟ قالوا: بلى، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال: فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، وسيفه في حجره فقال: يا محمد! أنظر إلى سيفك هذا؟ قال: "نعم" فأخذه، فاستله، ثم جعل يهزه ويهم، فيكبته الله، ثم قال: يا محمد أما تخافني؟ قال: "لا، وما أخاف منك" قال: وفي يدي السيف؟ قال: لا، بل يمنعني الله منك" قال: ثم [ ص: 80 ] عمد إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده عليه، يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم ) فأنزل الله تبارك وتعالى: ( . وقد رواه من حديث جابر أيضا وفيه: أبو عوانة، فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من يمنعك مني" ؟ قال: كن خير آخذ، قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" ؟ قال الأعرابي: أعاهدك أني لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال: فخلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيله، فجاء إلى قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناس.
قلت: وقد تقدم في غزوة ذي أمر خبر لرجل يقال له: دعثور بن الحارث، من بني محارب يشبه هذا الخبر، قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني اليوم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله" ودفع جبريل في صدره، فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "من يمنعك مني" ؟ قال: لا أحد، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم أتى قومه فجعل يدعوهم إلى الإسلام ونزلت: ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم ) ، والظاهر أن الخبرين واحد، وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في أمر بني النضير كما سبق فالله أعلم، وفي انصرافه عليه السلام من هذه الغزوة أبطأ جمل به، فنخسه النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق متقدما بين يدي الركاب ثم قال: "أتبيعنيه"؟ فابتاعه منه، وقال له: لك ظهره إلى جابر بن عبد الله المدينة ، فلما وصل إلى المدينة أعطاه الثمن ووهب له الجمل. [ ص: 81 ]