وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث، كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك في شأنهم: "كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله، لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته، قال: قال عمر: قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري.
مقيس بن صبابة من مكة مسلما فيما يظهر، فقال: يا رسول الله! جئتك مسلما، وجئت أطلب دية أخي ، قتل خطأ، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه هشام بن [ ص: 138 ] صبابة، فأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كثير، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ثم خرج إلى مكة مرتدا، فقال في شعر يقوله:
شفى النفس أن قد بات بالقاع مسندا يضرج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النفس من قبل قتله
تلم فيحميني وطاء المضاجع حللت به وتري وأدركت ثؤرتي
وكنت إلى الأوثان أول راجع ثأرت به فهرا، وحملت عقله
سراة بني النجار أرباب فارع
جللته ضربة باءت لها وشل من ناقع الجوف يعلوه وينصرم
فقلت والموت تغشاه أسرته لا تأمنن بني بكر إذا ظلموا
قال وأصيب من ابن إسحاق: بني المصطلق ناس يومئذ، وقتل منهم رجلين; علي بن أبي طالب مالكا وابنه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب منهم سبيا كثيرا، فشا قسمه في المسلمين، وكان فيمن أصيب يومئذ من السبايا: ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار
قال كان اسمها أبو عمر: برة، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماها: ، فأرسل الناس ما بأيديهم من سبايا بني المصطلق لذلك، فكانت مائة بيت، وأسلم بنو المصطلق، ثم بعد ذلك بأزيد من عامين، بعث إليهم جويرية الوليد بن عقبة مصدقا، فتوهم أنهم خرجوا لقتاله ففر راجعا، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بظنه، فهم عليه الصلاة والسلام بقتالهم، [ ص: 139 ] يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) الآية والتي بعدها. فأنزل الله تعالى: (