قال وحدثني ابن إسحاق: ، عن عاصم بن عمر بن قتادة عبد الرحمن بن جابر، قال: لما استقبلنا وادي جابر بن عبد الله حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط، إنما تنحدر فيه انحدارا. قال: وفي عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيؤوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد، وانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: يا أيها الناس هلم إلي أنا [ ص: 256 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا محمد بن عبد الله. قال: فلا شيء. حملت الإبل بعضها على بعض، فانطلق الناس، إلا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين وأهل بيته.
وفيمن ثبت معه من المهاجرين: ، أبو بكر وعمر. ومن أهل بيته ، علي بن أبي طالب والعباس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وابنه ، والفضل بن العباس ، وربيعة بن الحارث ، ، وأسامة بن زيد وأيمن بن أم أيمن - وقتل يومئذ - .
قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن، وهوازن خلفه، إذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراء فاتبعوه، فبينما هو كذلك إذ أهوى إليه ورجل من الأنصار يريدانه. قال: فيأتي علي بن أبي طالب علي من خلفه فيضرب عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله. قال: واجتلد الناس، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن أبيه
قال فلما انهزم الناس - يعني المسلمين - ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل ابن إسحاق: مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال لا تنتهي هزيمتهم دون البحر. وإن الأزلام لمعه في كنانته. [ ص: 257 ] وصرخ أبو سفيان بن حرب: جبلة بن الحنبل - وصوبه كلدة - ألا بطل السحر اليوم. فقال له ابن هشام: صفوان أخوه لأمه - وكان بعد مشركا - اسكت فض الله فاك، فوالله لئن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.