ذكر شيء مما حفظ عن الأحبار والرهبان والكهان
وعبدة الأصنام من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ما تقدم
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: nindex.php?page=treesubj&link=29272وكانت الأحبار من يهود، والرهبان من النصارى، والكهان من العرب، قد تحدثوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه لما تقارب من زمانه. أما الأحبار من يهود والرهبان من النصارى فعما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه. وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين فيما تسترق من السمع; إذ كانت لا تحجب عن ذلك، وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما ذكر بعض أموره، ولا تلقي العرب لذلك فيه بالا، حتى بعثه الله ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها، فلما تقارب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضر مبعثه حجبت الشياطين عن السمع وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تقعد فيها لاستراقه، فرموا بالنجوم، فعرف الجن أن ذلك لأمر حدث من أمر الله في العباد. يقول الله تعالى لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم حين بعثه يقص عليه خبرهم إذ حجبوا: (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=7وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=10وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) .
فلما سمعت الجن القرآن عرفت أنها منعت من السمع قبل ذلك لئلا يشكل الوحي بشيء من خبر السماء فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله فيه لوقوع الحجة وقطع الشبهة، فآمنوا به وصدقوا ثم (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29ولوا إلى قومهم منذرين ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) .
[ ص: 126 ] وقول الجن (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن ) الآية هو أن الرجل من العرب من
قريش وغيرهم كان إذا سافر فنزل بطن واد من الأرض ليبيت فيه قال: إني أعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة من شر ما فيه.
وذكر أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمي بها
ثقيف، وأنهم جاؤوا إلى رجل منهم يقال له:
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية أحد
بني علاج، وكان أدهى العرب وأمكرها رأيا. فقالوا له: يا
عمرو! ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم؟ قال: بلى، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر، ويعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس في معايشهم هي التي يرمى بها، فهو والله طي هذه الدنيا وهلاك هذا الخلق الذي فيها، وإن كانت نجوما غيرها وهي ثابتة على حالها، فهذا لأمر أراد الله بهذا الخلق.
وقد روى
أبو عمر النمري من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17281وهب بن بقية ، عن
خالد، ح وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12137محمد بن العلاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16410ابن إدريس، كلاهما عن
حصين، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر الشعبي، قال:
nindex.php?page=treesubj&link=29272لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجمت الشياطين بنجوم لم يكن يرجم بها قبل. فأتوا عبد ياليل بن عمرو الثقفي، فقالوا: إن الناس قد فزعوا، وقد أعتقوا رقيقهم وسيبوا أنعامهم لما رأوا في النجوم. فقال لهم: وكان رجلا أعمى، لا تعجلوا وانظروا، فإن كانت النجوم التي تعرف فهي عند فناء الناس، وإن كانت لا تعرف فهو من حدث. [ ص: 127 ] فنظروا فإذا هي نجوم لا تعرف. فقالوا: هذا من حدث. فلم يلبثوا حتى سمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِمَّا حُفِظَ عَنِ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ وَالْكُهَّانِ
وَعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى مَا تَقَدَّمَ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ: nindex.php?page=treesubj&link=29272وَكَانَتِ الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودَ، وَالرُّهْبَانُ مِنَ النَّصَارَى، وَالْكُهَّانُ مِنَ الْعَرَبِ، قَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَبْعَثِهِ لِمَا تَقَارَبَ مِنْ زَمَانِهِ. أَمَّا الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودَ وَالرُّهْبَانُ مِنَ النَّصَارَى فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَهْدِ أَنْبِيَائِهِمْ إِلَيْهِمْ فِيهِ. وَأَمَّا الْكُهَّانُ مِنَ الْعَرَبِ فَأَتَتْهُمْ بِهِ الشَّيَاطِينُ فِيمَا تَسْتَرِقُ مِنَ السَّمْعِ; إِذْ كَانَتْ لَا تُحْجَبُ عَنْ ذَلِكَ، وَكَانَ الْكَاهِنُ وَالْكَاهِنَةُ لَا يَزَالُ يَقَعُ مِنْهُمَا ذِكْرُ بَعْضِ أُمُورِهِ، وَلَا تُلْقِي الْعَرَبُ لِذَلِكَ فِيهِ بَالًا، حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ وَوَقَعَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا يَذْكُرُونَ فَعَرَفُوهَا، فَلَمَّا تَقَارَبَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَضَرَ مَبْعَثُهُ حُجِبَتِ الشَّيَاطِينُ عَنِ السَّمْعِ وَحِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقَاعِدِ الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ فِيهَا لِاسْتِرَاقِهِ، فَرُمُوا بِالنُّجُومِ، فَعَرَفَ الْجِنُّ أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي الْعِبَادِ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَهُ يَقُصُّ عَلَيْهِ خَبَرَهُمْ إِذْ حُجِبُوا: (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=3وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=7وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=10وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ) .
فَلَمَّا سَمِعَتِ الْجِنُّ الْقُرْآنَ عَرَفَتْ أَنَّهَا مُنِعَتْ مِنَ السَّمْعِ قَبْلَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُشْكَلَ الْوَحْيُ بِشَيْءٍ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَيُلْبَسَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مَا جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ لِوُقُوعِ الْحُجَّةِ وَقَطْعِ الشُّبْهَةِ، فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوا ثُمَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ) .
[ ص: 126 ] وَقَوْلُ الْجِنِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ ) الْآيَةَ هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ
قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ كَانَ إِذَا سَافَرَ فَنَزَلَ بَطْنَ وَادٍ مِنَ الْأَرْضِ لِيَبِيتَ فِيهِ قَالَ: إِنِّي أَعُوَذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنَ الْجِنِّ اللَّيْلَةَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ.
وَذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ حِينَ رُمِيَ بِهَا
ثَقِيفٌ، وَأَنَّهُمْ جَاؤُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ:
nindex.php?page=showalam&ids=243عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ أَحَدُ
بَنِي عِلَاجٍ، وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ وَأَمْكَرَهَا رَأْيًا. فَقَالُوا لَهُ: يَا
عَمْرُو! أَلَمْ تَرَ مَا حَدَثَ فِي السَّمَاءِ مِنَ الْقَذْفِ بِهَذِهِ النُّجُومِ؟ قَالَ: بَلَى، فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمَ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَيُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ مِنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ لِمَا يُصْلِحُ النَّاسَ فِي مَعَايِشِهِمْ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَهُوَ وَاللَّهِ طَيُّ هَذِهِ الدُّنْيَا وَهَلَاكُ هَذَا الْخَلْقِ الَّذِي فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَهَذَا لِأَمْرٍ أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا الْخَلْقِ.
وَقَدْ رَوَى
أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17281وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، عَنْ
خَالِدٍ، ح وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12137مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16410ابْنِ إِدْرِيسَ، كِلَاهُمَا عَنْ
حُصَيْنٍ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14577عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=29272لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ بِنُجُومٍ لَمْ يَكُنْ يُرْجَمُ بِهَا قَبْلُ. فَأَتَوْا عَبْدَ يِالِيلَ بْنَ عَمْرٍو الثَّقَفِيَّ، فَقَالُوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ فَزِعُوا، وَقَدْ أَعْتَقُوا رَقِيقَهُمْ وَسَيَّبُوا أَنْعَامَهُمْ لِمَا رَأَوْا فِي النُّجُومِ. فَقَالَ لَهُمْ: وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، لَا تَعْجَلُوا وَانْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتِ النُّجُومُ الَّتِي تُعْرَفُ فَهِيَ عِنْدَ فَنَاءِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ مِنْ حَدَثٍ. [ ص: 127 ] فَنَظَرُوا فَإِذَا هِيَ نُجُومٌ لَا تُعْرَفُ. فَقَالُوا: هَذَا مِنْ حَدَثٍ. فَلَمْ يَلْبَثُوا حَتَّى سَمِعُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.