ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار
حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث على رأس أربعين. أنس
المتفق عليه بين أهل النقل مما فيه: إقامته عليه السلام بالمدينة عشرا، وأما إقامته بمكة فمختلف في مقدارها، وسيأتي ذلك في آخر الكتاب عند ذكر وفاته عليه الصلاة والسلام.
وأما سنه عليه الصلاة والسلام حين نبئ; فالمروي عن ، ابن عباس [ ص: 175 ] وجبير بن مطعم، وقباث بن أشيم ، وعطاء ، كالمروي عن وسعيد بن المسيب، وهو الصحيح عند أهل السير وغيرهم; قال أنس، أبو القاسم السهيلي: وقد روي أنه نبئ لأربعين وشهرين.
وفي حديث فاجتمع رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى. عمرو بن شعيب:
والمراد - والله أعلم - ينتظرون فراغه من الصلاة، وأما حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين فقد كان انقطع منذ نزلت ( والله يعصمك من الناس ) وذلك قبل تبوك، والله أعلم.
وحديث جابر بن سمرة: بمكة كان يسلم علي". "إني لأعرف حجرا
هذا هو المعروف بغير زيادة، وقد روي أن ذلك الحجر هو الحجر الأسود، ويحتمل أن يكون هذا التسليم حقيقة، وأن يكون الله أنطقه بذلك، كما خلق الحنين في الجذع. ويحتمل أن يكون مضافا إلى ملائكة يسكنون هناك من باب ( واسأل القرية ) ، فيكون من مجاز الحذف، وهو علم ظاهر من على كلا التقديرين. أعلام النبوة
وفي حديث في خبر نزول عبيد بن عمير جبريل عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فجاءني وأنا نائم". فهذه حالة، وحديث وغيرها أنه كان في اليقظة، فهذه حالة ثانية، ولا تعارض لجواز الجمع بينهما بوقوعهما معا، ويكون الإتيان في النوم توطئة للإتيان في اليقظة. وقد عائشة رضي الله تعالى عنها: أول ما بدئ به عليه السلام من الوحي الرؤيا الصادقة. عائشة قالت وعن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل به الشعبي إسرافيل فكان يتراءى له ثلاث سنين، ويأتيه بالكلمة من الوحي، ثم وكل به جبريل فجاءه بالقرآن والوحي، فهذه حالة ثالثة لمجيء الوحي. ورابعة: وهي أن ينفث في روعه [ ص: 176 ] الكلام نفثا; كما قال عليه الصلاة والسلام: "إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" .
وخامسة وهي: أن يأتيه الوحي في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليه، وقيل: إن ذلك ليستجمع قلبه عند تلك الصلصلة فيكون أوعى لما يسمع. وسادسة: وهي: أن يكلمه الله من وراء حجاب إما في اليقظة كما في ليلة الإسراء، وإما في النوم كما في حديث معاذ "أتاني ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى". دحية الكلبي. فهذه حالات متعددة ذكر معناه وكان الملك يأتيه عليه الصلاة والسلام تارة في صورته، له ستمائة جناح; كما روي. وتارة في صورة السهيلي.
وقوله فغطني، ويروى فسأبني، ويروى سأتني، ويروى فدعتني، وكلها واحد، وهو الخنق والغم. والناموس: صاحب سر الملك.
وقال بعضهم: الناموس: صاحب سر الخير، والجاسوس: صاحب سر الشر.
ومؤزرا: من الأزر، وهو القوة والعون.
واليأفوخ: مهموز، ولا يقال في رأس الطفل يأفوخ حتى يشتد، وإنما يقال له: الغاذية.
وفترة الوحي لم يذكر لها مدة معينة، قال ابن إسحاق أبو القاسم السهيلي: وقد جاء في بعض الأحاديث المسندة أنها كانت سنتين ونصف سنة، والله أعلم. [ ص: 177 ]