nindex.php?page=treesubj&link=28833الفرقة الثانية الشيعة الشنيعة
وافترقت إلى اثنتين وعشرين فرقة ، وأصول ذلك كله ثلاث فرق غلاة
وإمامية وزيدية ، أما
الغلاة فافترقت ثمانية عشر فرقة ، يكفر بعضها بعضا ، ( أحدها )
السبئية وهم أتباع
عبد الله بن سبأ الذي قال لأمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه : أنت الإله حقا ، فأحرق من أصحاب هذه المقالة من قدر عليه منهم ، فخد لهم أخاديد ، وأحرقهم بالنار ، وقال :
إني إذا سمعت قولا منكرا أججت نارا ودعوت قنبرا
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه :
وابن سبأ هذا أول من ابتدع الرفض ، قال : وكان منافقا زنديقا ، أراد فساد دين الإسلام كما فعل
بولس صاحب الرسائل التي بأيدي
النصارى ، حيث ابتدع لهم بدعا أفسد بها دينهم ، وكان يهوديا فأظهر
النصرانية نفاقا لقصد إفساد ملتهم ، وكذلك كان
ابن سبأ يهوديا ، فقصد ذلك وسعى في الفتنة فلم يتمكن ، لكن حصل
[ ص: 81 ] بين المؤمنين تحريش وفتنة ، فقتل فيها
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه ، وتبع
ابن سبأ جماعات على بدعته وضلالته ، وقال هؤلاء : إن
عليا - رضي الله عنه - لم يمت ، وإنما الذي قتله
عبد الرحمن بن ملجم شيطان ، وأما
علي ففي السحاب ، والرعد صوته والبرق سوطه ، وإنه ينزل إلى الأرض ويملؤها عدلا ، ويقولون عند الرعد : عليك السلام يا أمير المؤمنين .
( الثانية ) :
الكاملية وهم أتباع
أبي كامل ، قالوا بكفر الصحابة - رضي الله عنهم - بترك بيعة
علي ، وبكفر
علي - رضي الله عنه - بترك طلب حقه ، ويعتقدون التناسخ ، وأن الإمامة نور يتناسخ ، وقد يصير في شخص نبوة .
( الثالثة )
البيانية أتباع
بيان بن سمعان التميمي ، قالوا : الله - تعالى - على صورة الإنسان ، ويهلك كله إلا وجهه ، وروح الله حل في علي ، ثم في ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية ، ثم في
ابنه أبي هاشم ، ثم في بيان .
( الرابعة ) :
المغيرية وهم أتباع
المغيرة بن سعيد العجلي ، قالوا : الله - تعالى - جسم على صورة إنسان من نور ، وقلبه منبع الحكمة ، ولما أراد الخلق ، تكلم بالاسم الأعظم ، فطار فوقع تاج على رأسه ، ثم كتب على كفه أعمال العباد ، فغضب من المعاصي فعرق ، فحصل منه بحران : أحدهما ملح مظلم ، والآخر حلو نير ، ثم اطلع في البحر النير ، فأبصر ظله فانتزعه ، فجعل منه الشمس والقمر وأفنى الباقي ، ثم خلق الخلق من البحرين ، فالكفر من المظلم ، والإيمان من النير ، ثم أرسل
محمدا - صلى الله عليه وسلم - والناس في ضلال ، وعرض الأمانة وهي منع الإمامة على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها وحملها الإنسان ، قالوا : وهو
أبو بكر حملها بأمر
عمر ، بشرط أن يجعل الخلافة بعده له ، قالوا : والإمام المنتظر
زكريا بن محمد بن علي بن الحسين بن علي - رضي الله عنهم - وهو حي في
جبل حاجر .
( الخامسة ) :
الجناحية وهم المنسوبون إلى
عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ، قالوا : الأرواح تتناسخ ، فكان روح الله في
آدم ، ثم في
شيث ، ثم في الأنبياء والأئمة حتى انتهت إلى
علي وأولاده الثلاثة ، ثم إلى
[ ص: 82 ] عبد الله ، قالوا : وهو حي
بجبل أصبهان ، وأنكروا القيامة واستحلوا المحرمات .
( السادسة ) :
المنصورية وهم أتباع
أبي منصور العجلي ، قالوا : الإمامة صارت
لمحمد بن علي بن الحسين ، وعرج إلى السماء ، ومسح الله رأسه بيده ، وقال : يا بني ، اذهب وبلغ عني ، قالوا : والرسل لا تنقطع ، والجنة رجل أمرنا بموالاته وهو الإمام ، والنار رجل أمرنا بمعاداته ، وكذا الفرائض والمحرمات .
( السابعة ) :
الخطابية وهم أتباع
أبي الخطاب الأسدي ، قال : الأئمة أنبياء ، وادعى النبوة لنفسه ، وقال :
الحسنان - رضي الله عنهما - ابنان لله ،
وجعفر إله ، لكن
أبو الخطاب أفضل منه ومن
علي ، ويستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم ، قالوا : والجنة نعيم الدنيا والنار آلامها ، واستباحوا المحرمات وتركوا الفرائض ، قالوا : ويمكن أن يوحى إلى كل مؤمن ، ومنهم من هو خير من
جبريل وميكائيل ، وهم لا يموتون بل يرفعون إلى الملكوت .
( الثامنة ) :
الذمية الذين ذموا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : لأن عليا إله ، بعثه ليدعو له فدعا إلى نفسه ، وقد قيل عند هؤلاء بآلهيتهما ، ولهم في التقديم خلاف ، وقيل عندهم هما
وفاطمة والحسنان آلهة ، وهم يقولون
فاطم ، ولا يقولون
فاطمة تحاشيا عن التأنيث .
( التاسعة ) :
الغرابية وهم الذين قالوا
محمد أشبه
بعلي من الغراب بالغراب ، فغلط
جبرائيل من
علي إلى
محمد بالرسالة .
( العاشرة ) :
الهشامية وهم أتباع
nindex.php?page=showalam&ids=17238هشام بن الحكم ، قالوا : إن الله - جل شأنه - طويل عريض ، عميق متساو كالسبيكة البيضاء ، يتلألأ من كل جانب ، وله لون وطعم ورائحة ، ويقوم ويقعد ، ويعلم ما تحت الثرى بشعاع ينفصل عنه إليه ، وهو سبعة أشبار بأشبار نفسه ، مماس للعرش بلا تفاوت ، وإرادته هي حركة لا عينه ولا غيره ، وإنما يعلم الأشياء بعد كونها بعلم لا قديم ولا حادث ، وكلامه صفة لا مخلوق ولا قديم ، والأعراض لا تدل على الباري ، والأئمة دون الأنبياء .
( الحادية عشر ) :
الزرارية وهم أتباع
زرارة بن أعين ، قالوا : صفات الله حادثة ، ولا حياة قبل الصفات ، ولهم أقوال خبيثة جدا .
[ ص: 83 ] ( الثانية عشرة ) :
اليونسية وهم أتباع
يونس بن عبد الرحمن القمي ، قال
الصلاح الصفدي في الوافي بالوفيات : كان يونس على مذهب القطعية في الإمامة ، ثم إنه أفرط في التشبيه ، فقال : إن الله - تعالى - يحمله حملة عرشه ، وهو أقوى منهم كما أن الطائر المعروف بالكركي تحمله رجلاه ، وهو أقوى من رجليه . واستدل بقوله - تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) ، وهذا الاستدلال خطأ منه ، فإن الآية مصرحة بأن العرش هو المحمول .
( الثالثة عشرة ) :
النعمانية وهم أتباع
nindex.php?page=showalam&ids=16924محمد بن النعمان ، قال : إن الله - تعالى - نور غير جسماني على صورة إنسان ، وإنما يعلم الأشياء بعد حدوثها .
( الرابعة عشرة ) :
الرزامية ، قالوا : الإمامة
nindex.php?page=showalam&ids=12691لمحمد بن الحنفية ، ثم لابنه
عبد الله ، ثم
لمحمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، ثم لأولاده إلى
المنصور ، ثم حل الإله في
أبي مسلم ، وأنه لم يقتل ، واستحلوا المحارم .
( الخامسة عشرة ) :
المفوضة ، قالوا : الله - تعالى - فوض خلق العالم إلى
محمد - صلى الله عليه وسلم .
( السادسة عشرة ) :
البدائية ، جوزوا البداء على الله .
( السابعة عشرة ) :
النصيرية ، قالوا : إن الله - تعالى - حل في
علي - رضي الله عنه .
( الثامنة عشرة ) :
الإسماعيلية ويلقبون
بالباطنية ; لقولهم بباطن الكتاب ، وأصل دعوتهم مبنية على إبطال الشرائع وانتقاص الدين ، فإن قوما من
المجوس راموا عند ظهور الفتن ، واختلاف الكلمة ، وتباين الدول ، كسر شوكة الإسلام ، وانتقاض عرى الدين ، ولم يمكنهم التصريح بذلك ، ولا إعلان ما قصدوه من الإفك والمهالك ، فأخذوا في تأويل الشريعة على وجه يعود إلى قواعد أسلافهم ، ورأسهم في ذلك (
حمدان قرمط ) ، ومنهم بل صاحب إظهار دعوتهم (
أبو سعيد الجنابي ) ، فظهر على
البحرين ، واجتمع عليه جماعة من الأعراب
والقرامطة ، فقوي أمره ، وقتل من حوله من أهل تلك القرى ، ثم قتل
أبو سعيد سنة إحدى وثلاثمائة ، قتله خادم له في الحمام ، وقام مقامه ولده
nindex.php?page=showalam&ids=14981أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام القرمطي ، وكان قد استولى على هجر
القطيف والإحساء وسائر
بلاد البحرين ، فلما كان عام سبع عشرة وثلاثمائة وافى حجاج المسلمين
nindex.php?page=showalam&ids=14981أبو طاهر القرمطي بمكة [ ص: 84 ] يوم التروية فنهب أموال الحاج ، وقتلوهم حتى في
المسجد الحرام ، وفي
البيت الحرام ، وقلع
الحجر الأسود ، وأنفذه إلى هجر ، وطرح القتلى في
زمزم ، وقلع
باب الكعبة .
والقرمط بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم وبعدها طاء مهملة ، وكان
أبو سعيد المذكور قصيرا مجتمع الخلق ، أسمر كريه المنظر ، فلذلك قيل له قرمطي ، والجنابي بفتح الجيم وتشديد النون وبعد الألف موحدة نسبة إلى جنابة ، وهي بلدة من أعمال
فارس ، متصلة
بالبحرين عند
سيراف ،
والقرامطة منها ، فنسبوا إليها ، ولهم في دعوتهم مراتب ( الزرق ) ، وهو التفرس في حال المدعو ، هل هو قابل أم لا ؟ ولذلك منعوا إلقاء البذر في السبخة ، والتكلم في بيت فيه سراج أي فقيه ، ثم ( التأنيس ) باستمالة كل واحد بما يميل إليه من زهد وخلاعة ، ثم ( التشكيك ) في أركان الشريعة بمقطعات السور ، وقضاء صوم الحائض دون صلاتها ، والغسل من المني دون البول ; لتتعلق القلوب بمراجعتهم فيها ، ثم ( الربط ) وهو أخذ الميثاق منه بحسب اعتقاده أن لا يفشي عنهم شيئا ، وحوالته على الإمام في كل ما أشكل عليه ، ثم ( التدليس ) وهو دعوى موافقة أكابر الدين لهم حتى يزداد ميلهم ، ثم ( التأسيس ) وهو تمهيد مقدمات يقبلها المدعو ، ثم ( الخلع ) وهو الطمأنينة إلى إسقاط وجوب الأفعال البدنية ، ثم ( السلخ ) عن الاعتقادات ، وحينئذ يأخذون في الإباحة واستعجال اللذات وتأويل الشريعة .
قال
شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين ابن تيمية - روح الله روحه : ذكر الكاشفون لأسرار
القرامطة ، والهاتكون لأستارهم
كالقاضي أبي بكر بن الطيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي أبي يعلى ، وطوائف كثيرة ، ما وجدنا مصداقه في كتب
القرامطة ، أنهم وضعوا لأنفسهم اصطلاحات ، روجوها على المسلمين ، ومقصودهم بها مقصود
الفلاسفة الصابئين والمجوس الثنوية ، كقولهم : السابق والتالي ، يعنون به العقل والنفس ، ويقولون هو اللوح والقلم ، قال : وأصل دينهم مأخوذ من دين
المجوس والصابئين ، ومن مذهبهم أن الله - تعالى - لا موجود ولا معدوم ، وربما خلطوا كلامهم بكلام الفلاسفة ، وقد دخل كثير من هذه
القرمطة في كلام كثير من المتصوفة
[ ص: 85 ] كما دخل في كثير من المتكلمة .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : وكتاب رسائل إخوان الصفا أصل مذهب
القرامطة الفلاسفة ، فربما نسبوا هذا الكتاب بالافتراء إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق ; ليجعلوه ميراثا عن أهل البيت . قال : وهذا من أقبح الكذب وأوضحه ، فإنه لا نزاع بين العقلاء أن رسائل إخوان الصفا إنما صنفت بعد المائة الثالثة في دولة
بني بويه ، قريبا من بناء
القاهرة المعزية . ودولة العبيدية الحاكمية المنتسبين
لأهل البيت الملقبين
بالفاطمية من هذا النمط ، فإن ظاهر مذهبهم الرفض ، وباطنه الكفر المحض ، ومن فرقهم
الدروز والتيامنة والحمزاوية وأضرابهم ، وهؤلاء من أكفر الناس ، وبالله التوفيق .
( وأما
الزيدية ) : فهم ينتسبون للسيد الشريف
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي زين العابدين بن الحسين شهيد كربلا ، ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضوان الله عليهما ، وكان
زيد إماما عالما شجاعا مقداما ، وكان قد بايعه جموع من
الشيعة ، ثم قالوا له : تبرأ من الشيخين - يعنون
أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما ، فقال : معاذ الله ، وزيرا جدي ، فتركوه ورفضوه ، وأرفضوا عنه ، فسموا
الرافضة ، والنسبة رافضي ، ثم انقسموا ثلاث فرق :
( الأولى ) :
الجارودية أصحاب
أبي الجارود ، قالوا بالنص على
علي - رضي الله عنه ، والصحابة كفروا بمخالفته ، والخلافة بعد
الحسن والحسين شورى في أولادهما ، فمن خرج منهم بالسيف وهو عالم شجاع فهو إمام ، واختلفوا في المنتظر ، أهو
محمد بن عبد الله ولم يقتل ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=16917محمد بن القاسم ، أو
يحيى بن عمر صاحب
الكوفة ؟
( الثانية ) :
السليمانية شيعة
سليمان بن جرير ، قالوا : الإمامة شورى ، وإنما تنعقد برجلين من خيار المسلمين ،
وأبو بكر وعمر إمامان وإن أخطأت الأمة في البيعة لهما ، وكفروا
عثمان وطلحة والزبير وعائشة .
( الثالثة ) :
البترية أصحاب
بتر التوصي ، قالوا بنحو قول من قبلهم ، إلا أنهم توقفوا في كفر
عثمان - رضي الله عنه .
( وأما
الإمامية ) ، فقالوا باتباع الاثني عشر إماما ، وهم :
علي ،
والحسن والحسين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16600وزين العابدين علي بن الحسين ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958والباقر محمد بن علي زين العابدين ،
وجعفر [ ص: 86 ] الصادق بن محمد الباقر ،
وموسى الكاظم بن جعفر الصادق ،
وعلي الرضا بن موسى الكاظم ،
ومحمد الجواد بن علي الرضا ،
وعلي الهادي بن محمد الجواد ،
وحسن العسكري بن علي الهادي ،
ومحمد بن حسن الحجة ،
فالإمامية هم القائلون بزعمهم بقول هؤلاء الأئمة الأبرار - رضوان الله عليهم وسلامه ما تعاقب الليل والنهار ، فقالت
الإمامية بالنص الجلي على إمامة أمير المؤمنين
علي - رضي الله عنه - وكفروا الصحابة بمخالفته ، وساقوا الإمامة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق ، ثم اختلفوا في المنصوص عليه بعده ، وتشعب متأخرو
الإمامية إلى
معتزلة ومشبهة ومفضلة ، والله - تعالى - أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=28833الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الشِّيعَةُ الشَّنِيعَةُ
وَافْتَرَقَتْ إِلَى اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ فِرْقَةً ، وَأُصُولُ ذَلِكَ كُلُّهُ ثَلَاثُ فِرَقٍ غُلَاةٌ
وَإِمَامِيَّةٌ وَزَيْدِيَّةٌ ، أَمَّا
الْغُلَاةُ فَافْتَرَقَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِرْقَةً ، يُكَفِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، ( أَحَدُهَا )
السَّبَئِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ الَّذِي قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنْتَ الْإِلَهُ حَقًّا ، فَأَحْرَقَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ ، فَخَدَّ لَهُمْ أَخَادِيدَ ، وَأَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ ، وَقَالَ :
إِنِّي إِذَا سَمِعْتُ قَوْلًا مُنْكَرًا أَجَّجْتُ نَارًا وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا
قَالَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ :
وَابْنُ سَبَأٍ هَذَا أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ الرَّفْضَ ، قَالَ : وَكَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا ، أَرَادَ فَسَادَ دِينِ الْإِسْلَامِ كَمَا فَعَلَ
بُولِسُ صَاحِبُ الرَّسَائِلِ الَّتِي بِأَيْدِي
النَّصَارَى ، حَيْثُ ابْتَدَعَ لَهُمْ بِدَعًا أَفْسَدَ بِهَا دِينَهُمْ ، وَكَانَ يَهُودِيًّا فَأَظْهَرَ
النَّصْرَانِيَّةَ نِفَاقًا لِقَصْدِ إِفْسَادِ مِلَّتِهِمْ ، وَكَذَلِكَ كَانَ
ابْنُ سَبَأٍ يَهُودِيًّا ، فَقَصَدَ ذَلِكَ وَسَعَى فِي الْفِتْنَةِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ ، لَكِنْ حَصَلَ
[ ص: 81 ] بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ تَحْرِيشٌ وَفِتْنَةٌ ، فَقُتِلَ فِيهَا
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَتَبِعَ
ابْنَ سَبَأٍ جَمَاعَاتٌ عَلَى بِدْعَتِهِ وَضَلَالَتِهِ ، وَقَالَ هَؤُلَاءِ : إِنَّ
عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَمُتْ ، وَإِنَّمَا الَّذِي قَتَلَهُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ شَيْطَانٌ ، وَأَمَّا
عَلِيٌّ فَفِي السَّحَابِ ، وَالرَّعْدُ صَوْتُهُ وَالْبَرْقُ سَوْطُهُ ، وَإِنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلًا ، وَيَقُولُونَ عِنْدَ الرَّعْدِ : عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
( الثَّانِيَةُ ) :
الْكَامِلِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
أَبِي كَامِلٍ ، قَالُوا بِكُفْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِتَرْكِ بَيْعَةِ
عَلِيٍّ ، وَبِكُفْرِ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِتَرْكِ طَلَبِ حَقِّهِ ، وَيَعْتَقِدُونَ التَّنَاسُخَ ، وَأَنَّ الْإِمَامَةَ نُورٌ يَتَنَاسَخُ ، وَقَدْ يَصِيرُ فِي شَخْصٍ نُبُوَّةً .
( الثَّالِثَةُ )
الْبَيَانِيَّةُ أَتْبَاعُ
بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ التَّمِيمِيِّ ، قَالُوا : اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ ، وَيَهْلِكُ كُلُّهُ إِلَّا وَجْهَهُ ، وَرُوحُ اللَّهِ حَلَّ فِي عَلِيٍّ ، ثُمَّ فِي ابْنِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، ثُمَّ فِي
ابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ ، ثُمَّ فِي بَيَانٍ .
( الرَّابِعَةُ ) :
الْمُغِيرِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدٍ الْعِجْلِيِّ ، قَالُوا : اللَّهُ - تَعَالَى - جِسْمٌ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ مِنْ نُورٍ ، وَقَلْبُهُ مَنْبَعُ الْحِكْمَةِ ، وَلَمَّا أَرَادَ الْخَلْقَ ، تَكَلَّمَ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ ، فَطَارَ فَوَقَعَ تَاجٌ عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ كَتَبَ عَلَى كَفِّهِ أَعْمَالَ الْعِبَادِ ، فَغَضِبَ مِنَ الْمَعَاصِي فَعَرِقَ ، فَحَصَلَ مِنْهُ بَحْرَانِ : أَحَدُهُمَا مِلْحٌ مُظْلِمٌ ، وَالْآخَرُ حُلْوٌ نَيِّرٌ ، ثُمَّ اطَّلَعَ فِي الْبَحْرِ النَّيِّرِ ، فَأَبْصَرَ ظِلَّهُ فَانْتَزَعَهُ ، فَجَعَلَ مِنْهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَأَفْنَى الْبَاقِيَ ، ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، فَالْكُفْرُ مِنَ الْمُظْلِمِ ، وَالْإِيمَانُ مِنَ النَّيِّرِ ، ثُمَّ أَرْسَلَ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ فِي ضَلَالٍ ، وَعَرَضَ الْأَمَانَةَ وَهِيَ مَنْعُ الْإِمَامَةِ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ، وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ، قَالُوا : وَهُوَ
أَبُو بَكْرٍ حَمَلَهَا بِأَمْرِ
عُمَرَ ، بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ لَهُ ، قَالُوا : وَالْإِمَامُ الْمُنْتَظَرُ
زَكَرِيَّا بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ حَيٌّ فِي
جَبَلٍ حَاجِرٍ .
( الْخَامِسَةُ ) :
الْجَنَاحِيَّةُ وَهُمُ الْمَنْسُوبُونَ إِلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ذِي الْجَنَاحَيْنِ ، قَالُوا : الْأَرْوَاحُ تَتَنَاسَخُ ، فَكَانَ رُوحُ اللَّهِ فِي
آدَمَ ، ثُمَّ فِي
شَيْثٍ ، ثُمَّ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى
عَلِيٍّ وَأَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ ، ثُمَّ إِلَى
[ ص: 82 ] عَبْدِ اللَّهِ ، قَالُوا : وَهُوَ حَيٌّ
بِجَبَلِ أَصْبَهَانَ ، وَأَنْكَرُوا الْقِيَامَةَ وَاسْتَحَلُّوا الْمُحَرَّمَاتِ .
( السَّادِسَةُ ) :
الْمَنْصُورِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
أَبِي مَنْصُورٍ الْعِجْلِيِّ ، قَالُوا : الْإِمَامَةُ صَارَتْ
لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ ، وَمَسَحَ اللَّهُ رَأَسَهُ بِيَدِهِ ، وَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، اذْهَبْ وَبَلِّغْ عَنِّي ، قَالُوا : وَالرُّسُلُ لَا تَنْقَطِعُ ، وَالْجَنَّةُ رَجُلٌ أُمِرْنَا بِمُوَالَاتِهِ وَهُوَ الْإِمَامُ ، وَالنَّارُ رَجُلٌ أُمِرْنَا بِمُعَادَاتِهِ ، وَكَذَا الْفَرَائِضُ وَالْمُحَرَّمَاتُ .
( السَّابِعَةُ ) :
الْخَطَّابِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
أَبِي الْخَطَّابِ الْأَسَدِيِّ ، قَالَ : الْأَئِمَّةُ أَنْبِيَاءُ ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ لِنَفْسِهِ ، وَقَالَ :
الْحَسَنَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ابْنَانِ لِلَّهِ ،
وَجَعْفَرٌ إِلَهٌ ، لَكِنْ
أَبُو الْخَطَّابِ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمِنْ
عَلِيٍّ ، وَيَسْتَحِلُّونَ شَهَادَةَ الزُّورِ لِمُوَافَقِيهِمْ عَلَى مُخَالِفِيهِمْ ، قَالُوا : وَالْجَنَّةُ نَعِيمُ الدُّنْيَا وَالنَّارُ آلَامُهَا ، وَاسْتَبَاحُوا الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرَكُوا الْفَرَائِضَ ، قَالُوا : وَيُمْكِنُ أَنْ يُوحَى إِلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ
جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ ، وَهُمْ لَا يَمُوتُونَ بَلْ يُرْفَعُونَ إِلَى الْمَلَكُوتِ .
( الثَّامِنَةُ ) :
الذَّمِّيَّةُ الَّذِينَ ذَمُّوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا : لِأَنَّ عَلِيًّا إِلَهٌ ، بَعَثَهُ لِيَدْعُوَ لَهُ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ، وَقَدْ قِيلَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِآلِهِيَّتِهِمَا ، وَلَهُمْ فِي التَّقْدِيمِ خِلَافٌ ، وَقِيلَ عِنْدَهُمْ هُمَا
وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنَانِ آلِهَةٌ ، وَهُمْ يَقُولُونَ
فَاطِمٌ ، وَلَا يَقُولُونَ
فَاطِمَةُ تَحَاشِيًا عَنِ التَّأْنِيثِ .
( التَّاسِعَةُ ) :
الْغُرَابِيَّةُ وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا
مُحَمَّدٌ أَشْبَهُ
بِعَلِيٍّ مِنَ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ ، فَغَلِطَ
جِبْرَائِيلُ مِنْ
عَلِيٍّ إِلَى
مُحَمَّدٍ بِالرِّسَالَةِ .
( الْعَاشِرَةُ ) :
الْهِشَامِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
nindex.php?page=showalam&ids=17238هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ - جَلَّ شَأْنُهُ - طَوِيلٌ عَرِيضٌ ، عَمِيقٌ مُتَسَاوٍ كَالسَّبِيكَةِ الْبَيْضَاءِ ، يَتَلَأْلَأُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، وَلَهُ لَوْنٌ وَطَعْمٌ وَرَائِحَةٌ ، وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ ، وَيَعْلَمُ مَا تَحْتَ الثَّرَى بِشُعَاعٍ يَنْفَصِلُ عَنْهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ سَبْعُةُ أَشْبَارٍ بِأَشْبَارِ نَفْسِهِ ، مُمَاسٍّ لِلْعَرْشِ بِلَا تَفَاوُتٍ ، وَإِرَادَتُهُ هِيَ حَرَكَةٌ لَا عَيْنُهُ وَلَا غَيْرُهُ ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ بَعْدَ كَوْنِهَا بِعِلْمٍ لَا قَدِيمٍ وَلَا حَادِثٍ ، وَكَلَامُهُ صِفَةٌ لَا مَخْلُوقٌ وَلَا قَدِيمٌ ، وَالْأَعْرَاضُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْبَارِي ، وَالْأَئِمَّةُ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ .
( الْحَادِيَةَ عَشَرَ ) :
الزُّرَارِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالُوا : صِفَاتُ اللَّهِ حَادِثَةٌ ، وَلَا حَيَاةَ قَبْلَ الصِّفَاتِ ، وَلَهُمْ أَقْوَالٌ خَبِيثَةٌ جِدًّا .
[ ص: 83 ] ( الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ) :
الْيُونُسِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَمِّيِّ ، قَالَ
الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي الْوَافِي بِالْوَفِيَاتِ : كَانَ يُونُسُ عَلَى مَذْهَبِ الْقَطْعِيَّةِ فِي الْإِمَامَةِ ، ثُمَّ إِنَّهُ أَفْرَطَ فِي التَّشْبِيهِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَحْمِلُهُ حَمَلَةُ عَرْشِهِ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُمْ كَمَا أَنَّ الطَّائِرَ الْمَعْرُوفَ بِالْكُرْكِيِّ تَحْمِلُهُ رِجْلَاهُ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ رِجْلَيْهِ . وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ خَطَأٌ مِنْهُ ، فَإِنَّ الْآيَةَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْعَرْشَ هُوَ الْمَحْمُولُ .
( الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ ) :
النُّعْمَانِيَّةُ وَهُمْ أَتْبَاعُ
nindex.php?page=showalam&ids=16924مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - نُورٌ غَيْرُ جُسْمَانِيٍّ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ بَعْدَ حُدُوثِهَا .
( الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ ) :
الرِّزَامِيَّةُ ، قَالُوا : الْإِمَامَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=12691لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، ثُمَّ لِابْنِهِ
عَبْدِ اللَّهِ ، ثُمَّ
لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ إِلَى
الْمَنْصُورِ ، ثُمَّ حَلَّ الْإِلَهُ فِي
أَبِي مُسْلِمٍ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ ، وَاسْتَحَلُّوا الْمَحَارِمَ .
( الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ ) :
الْمُفَوِّضَةُ ، قَالُوا : اللَّهُ - تَعَالَى - فَوَّضَ خَلْقَ الْعَالَمِ إِلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( السَّادِسَةَ عَشْرَةَ ) :
الْبِدَائِيَّةُ ، جَوَّزُوا الْبِدَاءَ عَلَى اللَّهِ .
( السَّابِعَةَ عَشْرَةَ ) :
النَّصِيرِيَّةُ ، قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - حَلَّ فِي
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
( الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ ) :
الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ وَيُلَقَّبُونَ
بِالْبَاطِنِيَّةِ ; لِقَوْلِهِمْ بِبَاطِنِ الْكِتَابِ ، وَأَصْلُ دَعْوَتِهِمْ مَبْنِيَّةٌ عَلَى إِبْطَالِ الشَّرَائِعِ وَانْتِقَاصِ الدِّينِ ، فَإِنَّ قَوْمًا مِنَ
الْمَجُوسِ رَامُوا عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ ، وَاخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ ، وَتَبَايُنِ الدُّوَلِ ، كَسْرَ شَوْكَةِ الْإِسْلَامِ ، وَانْتِقَاضَ عُرَى الدِّينِ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمُ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ ، وَلَا إِعْلَانُ مَا قَصَدُوهُ مِنَ الْإِفْكِ وَالْمَهَالِكِ ، فَأَخَذُوا فِي تَأْوِيلِ الشَّرِيعَةِ عَلَى وَجْهٍ يَعُودُ إِلَى قَوَاعِدِ أَسْلَافِهِمْ ، وَرَأْسُهُمْ فِي ذَلِكَ (
حَمْدَانُ قِرْمِطٌ ) ، وَمِنْهُمْ بَلْ صَاحِبُ إِظْهَارِ دَعْوَتِهِمْ (
أَبُو سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ ) ، فَظَهَرَ عَلَى
الْبَحْرَيْنِ ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ
وَالْقَرَامِطَةِ ، فَقَوِيَ أَمْرُهُ ، وَقَتَلَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقُرَى ، ثُمَّ قُتِلَ
أَبُو سَعِيدٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِمِائَةٍ ، قَتَلَهُ خَادِمٌ لَهُ فِي الْحَمَّامِ ، وَقَامَ مَقَامَهُ وَلَدُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14981أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْحَسَنِ بْنِ بَهْرَامَ الْقِرْمِطِيُّ ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى هَجَرِ
الْقَطِيفِ وَالْإِحْسَاءِ وَسَائِرِ
بِلَادِ الْبَحْرَيْنِ ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَافَى حُجَّاجَ الْمُسْلِمِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=14981أَبُو طَاهِرٍ الْقِرْمِطِيُّ بِمَكَّةَ [ ص: 84 ] يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَنَهَبَ أَمْوَالَ الْحَاجِّ ، وَقَتَلُوهُمْ حَتَّى فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَفِي
الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَقَلَعَ
الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ، وَأَنْفَذَهُ إِلَى هَجَرَ ، وَطَرَحَ الْقَتْلَى فِي
زَمْزَمٍ ، وَقَلَعَ
بَابَ الْكَعْبَةِ .
وَالْقِرْمِطُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ ، وَكَانَ
أَبُو سَعِيدٍ الْمَذْكُورُ قَصِيرًا مُجْتَمِعَ الْخَلْقِ ، أَسْمَرَ كَرِيهَ الْمَنْظَرِ ، فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ قِرْمِطِيٌّ ، وَالْجَنَّابِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ نِسْبَةً إِلَى جَنَّابَةَ ، وَهِيَ بَلْدَةٌ مِنْ أَعْمَالِ
فَارِسَ ، مُتَّصِلَةٌ
بِالْبَحْرَيْنِ عِنْدَ
سِيرَافَ ،
وَالْقَرَامِطَةُ مِنْهَا ، فَنُسِبُوا إِلَيْهَا ، وَلَهُمْ فِي دَعْوَتِهِمْ مَرَاتِبُ ( الزُّرْقِ ) ، وَهُوَ التَّفَرُّسُ فِي حَالِ الْمَدْعُوِّ ، هَلْ هُوَ قَابِلٌ أَمْ لَا ؟ وَلِذَلِكَ مَنَعُوا إِلْقَاءَ الْبَذْرِ فِي السَّبْخَةِ ، وَالتَّكَلُّمَ فِي بَيْتٍ فِيهِ سِرَاجٌ أَيْ فَقِيهٌ ، ثُمَّ ( التَّأْنِيسُ ) بِاسْتِمَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَمِيلُ إِلَيْهِ مِنْ زُهْدٍ وَخَلَاعَةٍ ، ثُمَّ ( التَّشْكِيكُ ) فِي أَرْكَانِ الشَّرِيعَةِ بِمُقَطَّعَاتِ السُّوَرُ ، وَقَضَاءِ صَوْمِ الْحَائِضِ دُونَ صَلَاتِهَا ، وَالْغُسْلِ مِنَ الْمَنِيِّ دُونَ الْبَوْلِ ; لِتَتَعَلَّقَ الْقُلُوبُ بِمُرَاجَعَتِهِمْ فِيهَا ، ثُمَّ ( الرَّبْطُ ) وَهُوَ أَخْذُ الْمِيثَاقِ مِنْهُ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ أَنْ لَا يُفْشِيَ عَنْهُمْ شَيْئًا ، وَحَوَالَتُهُ عَلَى الْإِمَامِ فِي كُلِّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ( التَّدْلِيسُ ) وَهُوَ دَعْوَى مُوَافَقَةِ أَكَابِرِ الدِّينِ لَهُمْ حَتَّى يَزْدَادَ مَيْلُهُمْ ، ثُمَّ ( التَّأْسِيسُ ) وَهُوَ تَمْهِيدُ مُقَدَّمَاتٍ يَقْبَلُهَا الْمَدْعُوُّ ، ثُمَّ ( الْخَلْعُ ) وَهُوَ الطُّمَأْنِينَةُ إِلَى إِسْقَاطِ وُجُوبِ الْأَفْعَالِ الْبَدَنِيَّةِ ، ثُمَّ ( السَّلْخُ ) عَنِ الِاعْتِقَادَاتِ ، وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُونَ فِي الْإِبَاحَةِ وَاسْتِعْجَالِ اللَّذَّاتِ وَتَأْوِيلِ الشَّرِيعَةِ .
قَالَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ : ذَكَرَ الْكَاشِفُونَ لِأَسْرَارِ
الْقَرَامِطَةِ ، وَالْهَاتِكُونَ لِأَسْتَارِهِمْ
كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى ، وَطَوَائِفَ كَثِيرَةٍ ، مَا وَجَدْنَا مِصْدَاقَهُ فِي كُتُبِ
الْقَرَامِطَةِ ، أَنَّهُمْ وَضَعُوا لِأَنْفُسِهِمُ اصْطِلَاحَاتٍ ، رَوَّجُوهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَمَقْصُودُهُمْ بِهَا مَقْصُودُ
الْفَلَاسِفَةِ الصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ الثَّنَوِيَّةُ ، كَقَوْلِهِمُ : السَّابِقُ وَالتَّالِي ، يَعْنُونَ بِهِ الْعَقْلَ وَالنَّفْسَ ، وَيَقُولُونَ هُوَ اللَّوْحُ وَالْقَلَمُ ، قَالَ : وَأَصْلُ دِينِهِمْ مَأْخُوذٌ مِنْ دِينِ
الْمَجُوسِ وَالصَّابِئِينَ ، وَمِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَا مَوْجُودٌ وَلَا مَعْدُومٌ ، وَرُبَّمَا خَلَطُوا كَلَامَهُمْ بِكَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ ، وَقَدْ دَخَلَ كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ
الْقَرْمَطَةِ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ
[ ص: 85 ] كَمَا دَخَلَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمَةِ .
قَالَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ : وَكِتَابُ رَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَا أَصْلُ مَذْهَبِ
الْقَرَامِطَةِ الْفَلَاسِفَةِ ، فَرُبَّمَا نَسَبُوا هَذَا الْكِتَابَ بِالِافْتِرَاءِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ; لِيَجْعَلُوهُ مِيرَاثًا عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ . قَالَ : وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْكَذِبِ وَأَوْضَحِهِ ، فَإِنَّهُ لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ أَنَّ رَسَائِلَ إِخْوَانِ الصَّفَا إِنَّمَا صُنِّفَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ فِي دَوْلَةِ
بَنِي بُوَيْهٍ ، قَرِيبًا مِنْ بِنَاءِ
الْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَّةِ . وَدَوْلَةُ الْعُبَيْدِيَّةِ الْحَاكِمِيَّةِ الْمُنْتَسِبِينَ
لِأَهْلِ الْبَيْتِ الْمُلَقَّبِينَ
بِالْفَاطِمِيَّةِ مِنْ هَذَا النَّمَطِ ، فَإِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِمُ الرَّفْضُ ، وَبَاطِنَهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ ، وَمِنْ فِرَقِهِمُ
الدُّرُوزُ وَالتَّيَامِنَةُ وَالْحَمْزَاوِيَّةُ وَأَضْرَابُهُمْ ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَكْفَرِ النَّاسِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
( وَأَمَّا
الزَّيْدِيَّةُ ) : فَهُمْ يَنْتَسِبُونَ لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ بْنِ الْحُسَيْنِ شَهِيدِ كَرْبَلَا ، ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، وَكَانَ
زَيْدٌ إِمَامًا عَالِمًا شُجَاعًا مِقْدَامًا ، وَكَانَ قَدْ بَايَعَهُ جُمُوعٌ مِنَ
الشِّيعَةِ ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ : تَبَرَّأْ مِنَ الشَّيْخَيْنِ - يَعْنُونَ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَقَالَ : مَعَاذَ اللَّهِ ، وَزِيرَا جَدِّي ، فَتَرَكُوهُ وَرَفَضُوهُ ، وَأَرْفَضُوا عَنْهُ ، فَسُمُّوا
الرَّافِضَةَ ، وَالنِّسْبَةُ رَافِضِيٌّ ، ثُمَّ انْقَسَمُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ :
( الْأُولَى ) :
الْجَارُودِيَّةُ أَصْحَابُ
أَبِي الْجَارُودِ ، قَالُوا بِالنَّصِّ عَلَى
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَالصَّحَابَةُ كَفَرُوا بِمُخَالَفَتِهِ ، وَالْخِلَافَةُ بَعْدَ
الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ شُورَى فِي أَوْلَادِهِمَا ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ بِالسَّيْفِ وَهُوَ عَالِمٌ شُجَاعٌ فَهُوَ إِمَامٌ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُنْتَظَرِ ، أَهُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يُقْتَلْ ، أَوْ
nindex.php?page=showalam&ids=16917مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ ، أَوْ
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ صَاحِبُ
الْكُوفَةِ ؟
( الثَّانِيَةُ ) :
السُّلَيْمَانِيَّةُ شِيعَةُ
سُلَيْمَانَ بْنِ جَرِيرٍ ، قَالُوا : الْإِمَامَةُ شُورَى ، وَإِنَّمَا تَنْعَقِدُ بِرَجُلَيْنِ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ ،
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إِمَامَانِ وَإِنْ أَخْطَأَتِ الْأُمَّةُ فِي الْبَيْعَةِ لَهُمَا ، وَكَفَّرُوا
عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ .
( الثَّالِثَةُ ) :
الْبَتْرِيَّةُ أَصْحَابُ
بَتْرٍ التُّوصِيِّ ، قَالُوا بِنَحْوِ قَوْلِ مَنْ قَبْلَهُمْ ، إِلَّا أَنَّهُمْ تَوَقَّفُوا فِي كُفْرِ
عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
( وَأَمَّا
الْإِمَامِيَّةُ ) ، فَقَالُوا بِاتِّبَاعِ الِاثْنَيْ عَشَرَ إِمَامًا ، وَهُمْ :
عَلِيٌّ ،
وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16600وَزَيْنُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958وَالْبَاقِرُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ،
وَجَعْفَرٌ [ ص: 86 ] الصَّادِقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ ،
وَمُوسَى الْكَاظِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ،
وَعَلِيٌّ الرِّضَا بْنُ مُوسَى الْكَاظِمِ ،
وَمُحَمَّدٌ الْجَوَادُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا ،
وَعَلِيٌّ الْهَادِي بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوَادِ ،
وَحَسَنٌ الْعَسْكَرِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الْهَادِي ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ الْحُجَّةُ ،
فَالْإِمَامِيَّةُ هُمُ الْقَائِلُونَ بِزَعْمِهِمْ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْأَبْرَارِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، فَقَالَتِ
الْإِمَامِيَّةُ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ عَلَى إِمَامَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَفَّرُوا الصَّحَابَةَ بِمُخَالَفَتِهِ ، وَسَاقُوا الْإِمَامَةَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ ، وَتَشَعَّبَ مُتَأَخِّرُو
الْإِمَامِيَّةِ إِلَى
مُعْتَزِلَةٍ وَمُشَبِّهَةٍ وَمُفَضِّلَةٍ ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ .