الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) : أن لا يعلم قاتله ، فإن علم فلا قسامة فيه ، ولكن يجب القصاص إن كان قتيلا يوجب القصاص ، وتجب الدية إن كان قتيلا يوجب الدية وقد ذكرنا جميع ذلك فيما تقدم ( ومنها ) : أن يكون القتيل من بني آدم عليه الصلاة والسلام فلا قسامة في بهيمة وجدت في محلة قوم ولا غرم فيها ; لأن لزوم القسامة في نفسها أمر ثبت بخلاف القياس ; لأن تكرار اليمين غير مشروع ، واعتبار عدد الخمسين غير معقول ; ولهذا لم يعتبر في سائر الدعاوى ، وكذا وجوب الدية معها ; لأن اليمين في الشرع جعلت دافعة للاستحقاق بنفسها كما في سائر الدعاوى إلا أنا عرفنا ذلك بالنصوص والإجماع في بني آدم فبقي الأمر فيما وراءهم على الأصل ; ولهذا لم تجب القسامة والغرامة في سائر الأموال ، كذا في البهائم ، وتجب في العبد القسامة والقيمة إذا وجد قتيلا في غير ملك صاحبه ; لأنه آدمي من كل وجه ; ولهذا يجب فيه القصاص في العمد ، والكفارة في الخطأ ، وتغرم العاقلة قيمته في الخطأ ، وهذا على أصلهما ، فأما على أصل أبي يوسف فلا قسامة فيه ولا دية ; لأن العبد عنده مضمون بالخطأ من حيث إنه مال لا من حيث إنه آدمي ; ولهذا قال : تجب قيمته في القتل الخطأ بالغة ما بلغت ، ولا تتحملها العاقلة ، فكان بمنزلة البهيمة .

                                                                                                                                وكذا الجواب في المدبر وأم الولد والمكاتب والمأذون لما قلنا وسواء كان القتيل مسلما أو ذميا عاقلا أو مجنونا بالغا أو صبيا ذكرا أو أنثى ; لأنه عليه الصلاة والسلام أطلق القضية بالقسامة والدية في مطلق قتيل أخبر به في بعض الأحاديث ولم يستفسر ، ولو كان الحكم يختلف لاستفسروا ; لأن دم هؤلاء مضمون بالقصاص والدية في العمد والخطأ ، فيكون مضمونا بالقسامة والدية ، وسواء وجد المسلم قتيلا في محلة المسلمين أو في محلة أهل الذمة ; لأن عبد الله بن سهل الأنصاري رضي الله عنه وجد قتيلا في قليب من قليب خيبر وأوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم القسامة على اليهود .

                                                                                                                                وكذا الذمي ; لأن لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم إلا ما نص بدليل .

                                                                                                                                ( ومنها ) : الدعوى من أولياء القتيل ; لأن القسامة يمين ، واليمين لا تجب بدون الدعوى كما في سائر الدعاوى ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية