[ ص: 329 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=31975يونس بن متى
وكان أمره من الأحداث أيام ملوك الطوائف .
قيل : لم ينسب أحد من الأنبياء إلى أمه إلا
عيسى بن مريم ويونس بن متى ، وهي أمه ، وكان من قرية من قرى
الموصل يقال لها
نينوى ، وكان قومه يعبدون الأصنام ، فبعثه الله إليهم بالنهي عن عبادتها والأمر بالتوحيد ، فأقام فيها ثلاثا وثلاثين سنة يدعوهم ، فلم يؤمن غير رجلين ، فلما أيس من إيمانهم دعا عليهم ، فقيل له : ما أسرع ما دعوت على عبادي ! ارجع إليهم فادعهم أربعين يوما ، فدعاهم سبعة وثلاثين يوما ، فلم يجيبوه فقال لهم : إن العذاب يأتيكم إلى ثلاثة أيام ، وآية ذلك ألوانكم تتغير ، فلما أصبحوا تغيرت ألوانهم ، فقالوا : قد نزل بكم ما قال
يونس ولم نجرب عليه كذبا فانظروا فإن بات فيكم فأمنوا من العذاب ، وإن لم يبت فاعلموا أن العذاب يصبحكم .
فلما كانت ليلة الأربعين أيقن
يونس بنزول العذاب ، فخرج من بين أظهرهم . فلما كان الغد تغشاهم العذاب فوق رءوسهم ، خرج عليهم غيم أسود هائل يدخن دخانا شديدا ، ثم نزل إلى المدينة فاسودت منه سطوحهم ، فلما رأوا ذلك أيقنوا بالهلاك ، فطلبوا
يونس فلم يجدوه ، فألهمهم الله التوبة ، فأخلصوا النية في ذلك وقصدوا شيخا وقالوا له : قد نزل بنا ما ترى فما نفعل ؟ فقال : آمنوا بالله وتوبوا وقولوا : يا حي يا قيوم ، يا حي حين لا حي ، يا حي محيي الموتى ، يا حي لا إله إلا أنت . فخرجوا من القرية إلى مكان رفيع في براز من الأرض ، وفرقوا بين كل دابة وولدها ، ثم عجوا إلى الله واستقالوه
[ ص: 330 ] وردوا المظالم جميعا حتى إن كان أحدهم ليقلع الحجر من بنائه فيرده إلى صاحبه .
فكشف الله عنهم العذاب ، وكان يوم عاشوراء يوم الأربعاء ، وقيل : للنصف من شوال يوم الأربعاء ، وانتظر يونس الخبر عن القرية وأهلها حتى مر به مار فقال : ما فعل أهل القرية ؟ فقال : تابوا إلى الله فقبل منهم وأخر عنهم العذاب . فغضب
يونس عند ذلك فقال : والله لا أرجع كذابا ! ، ولم تكن قرية رد الله عنهم العذاب بعدما غشيهم إلا قوم
يونس ، ومضى غاضبا لربه . وكان في حدة وعجلة وقلة صبر ، ولذلك نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون مثله ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48ولا تكن كصاحب الحوت ) .
ولما مضى ظن أن الله لا يقدر عليه ، أي يقضي عليه العقوبة ، وقيل : يضيق عليه الحبس ، فسار حتى ركب في سفينة فأصاب أهلها عاصف من الريح ، وقيل : بل وقفت فلم تسر ، فقال من فيها : هذه بخطيئة أحدكم ! فقال
يونس : هذه خطيئتي فألقوني في البحر ، فأبوا عليه حتى أفاضوا بسهامهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين ) ، فلم يلقوه ، وفعلوا ذلك ثلاثا ولم يلقوه ، فألقى نفسه في البحر ، وذلك تحت الليل ، فالتقمه الحوت ، فأوحى الله إلى الحوت أن يأخذه ولا يخمش له لحما ولا يكسر له عظما ، فأخذه وعاد إلى مسكنه من البحر ، فلما انتهى إليه سمع
يونس حسا فقال في نفسه : ما هذا ؟ فأوحى الله إليه في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب البحر ، فسبح وهو في بطن الحوت ، فسمعت الملائكة تسبيحه ، فقالوا : ربنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة . فقال : ذلك عبدي
يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر . فقالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد له كل يوم عمل صالح ؟ فشفعوا له عند ذلك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) - ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل - ! وكان قد سبق له من العمل الصالح ، فأنزل الله فيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) وذلك أن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم ) ، ألقي على ساحل البحر
[ ص: 331 ] وهو كالصبي المنفوس ، ومكث في بطن الحوت أربعين يوما ، وقيل : عشرين يوما ، وقيل : ثلاثة أيام ، وقيل : سبعة أيام ، والله أعلم .
وأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، وهو القرع ، يتقطر إليه من اللبن ، وقيل : هيأ الله له أروية وحشية ، فكانت ترضعه بكرة وعشية حتى رجعت إليه قوته وصار يمشي ، فرجع ذات يوم إلى الشجرة فوجدها قد يبست ، فحزن وبكى عليها ، فعاتبه الله ، وقيل له : أتبكي وتحزن على الشجرة ولا تحزن على مائة ألف وزيادة أردت أن تهلكهم ! .
ثم إن الله أمره أن يأتي قومه فيخبرهم أن الله تاب عليهم ، فعمد إليهم ، فلقي راعيا ، فسأله عن قوم
يونس ، فأخبره أنهم على رجاء أن يرجع إليهم رسولهم ، قال : فأخبرهم أنك قد لقيت
يونس . قال : لا أستطيع إلا بشاهد فسمى له عنزا من غنمه والبقعة التي كانا فيها وشجرة هناك ، وقال : كل هذه تشهد لك ، فرجع الراعي إلى قومه فأخبرهم أنه رأى
يونس ، فهموا به ، فقال : لا تعجلوا حتى أصبح . فلما أصبح غدا بهم إلى البقعة التي لقي فيها
يونس فاستنطقها ، فشهدت له ، وكذلك الشاة والشجرة وكان
يونس قد اختفى هناك . فلما شهدت الشاة قالت لهم : إن أردتم نبي الله فهو بمكان كذا وكذا فأتوه ، فلما رأوه قبلوا يديه ورجليه وأدخلوه المدينة بعد امتناع ، فمكث مع أهله وولده أربعين يوما وخرج سائحا ، وخرج الملك معه يصحبه ، وسلم الملك إلى الراعي ، فأقام يدبر أمرهم أربعين سنة بعد ذلك . ثم إن
يونس أتاهم بعد ذلك .
[ ص: 332 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب : كانت رسالة
يونس بعدما نبذه الحوت ، وقالا : كذلك : أخبر الله تعالى في سورة الصافات فإنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) . وقال
شهر : إن
جبرائيل أتى
يونس فقال له : انطلق إلى
أهل نينوى فأنذرهم العذاب فإنه قد حضرهم . قال : ألتمس دابة . قال : الأمر أعجل من ذلك . قال : قال : ألتمس حذاء . قال : الأمر أعجل من ذلك . قال : فغضب وانطلق إلى السفينة فركب ، فلما ركب احتبست ، قال : فساهموا ، فسهم ، فجاءت الحوت ، فنودي الحوت : إنا لم نجعل
يونس من رزقك إنما جعلناك له حرزا ، فالتقمه الحوت وانطلق به من ذلك المكان حتى مر به الأبلة ، ثم انطلق به على
دجلة حتى ألقاه
بنينوى .
[ ص: 329 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=31975يُونُسَ بْنِ مَتَّى
وَكَانَ أَمْرُهُ مِنَ الْأَحْدَاثِ أَيَّامَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ .
قِيلَ : لَمْ يُنْسَبْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى أُمِّهِ إِلَّا
عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ وَيُونُسَ بْنَ مَتَّى ، وَهِيَ أُمُّهُ ، وَكَانَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى
الْمَوْصِلِ يُقَالُ لَهَا
نِينَوَى ، وَكَانَ قَوْمُهُ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ، فَبَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ بِالنَّهْيِ عَنْ عِبَادَتِهَا وَالْأَمْرِ بِالتَّوْحِيدِ ، فَأَقَامَ فِيهَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً يَدْعُوهُمْ ، فَلَمْ يُؤْمِنْ غَيْرُ رَجُلَيْنِ ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ إِيمَانِهِمْ دَعَا عَلَيْهِمْ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا أَسْرَعَ مَا دَعَوْتَ عَلَى عِبَادِي ! ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَادْعُهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَدَعَاهُمْ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيكُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَلْوَانُكُمْ تَتَغَيَّرُ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ ، فَقَالُوا : قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مَا قَالَ
يُونُسُ وَلَمْ نُجَرِّبْ عَلَيْهِ كَذِبًا فَانْظُرُوا فَإِنْ بَاتَ فِيكُمْ فَأْمَنُوا مِنَ الْعَذَابِ ، وَإِنْ لَمْ يَبِتْ فَاعْلَمُوا أَنَّ الْعَذَابَ يُصَبِّحُكُمْ .
فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَرْبَعِينَ أَيْقَنَ
يُونُسُ بِنُزُولِ الْعَذَابِ ، فَخَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ . فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَغَشَّاهُمُ الْعَذَابُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ غَيْمٌ أَسْوَدُ هَائِلٌ يُدَخِّنُ دُخَانًا شَدِيدًا ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاسْوَدَّتْ مِنْهُ سُطُوحُهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ أَيْقَنُوا بِالْهَلَاكِ ، فَطَلَبُوا
يُونُسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَأَلْهَمَهُمُ اللَّهُ التَّوْبَةَ ، فَأَخْلَصُوا النِّيَّةَ فِي ذَلِكَ وَقَصَدُوا شَيْخًا وَقَالُوا لَهُ : قَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَى فَمَا نَفْعَلُ ؟ فَقَالَ : آمِنُوا بِاللَّهِ وَتُوبُوا وَقُولُوا : يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، يَا حَيُّ حِينَ لَا حَيَّ ، يَا حَيُّ مُحْيِي الْمَوْتَى ، يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ . فَخَرَجُوا مِنَ الْقَرْيَةِ إِلَى مَكَانٍ رَفِيعٍ فِي بِرَازٍ مِنَ الْأَرْضِ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ دَابَّةِ وَوَلَدِهَا ، ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَقَالُوهُ
[ ص: 330 ] وَرَدُّوا الْمَظَالِمَ جَمِيعًا حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَقْلَعُ الْحَجَرَ مِنْ بِنَائِهِ فَيَرُدُّهُ إِلَى صَاحِبِهِ .
فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ ، وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَقِيلَ : لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَانْتَظَرَ يُونُسُ الْخَبَرَ عَنِ الْقَرْيَةِ وَأَهْلِهَا حَتَّى مَرَّ بِهِ مَارٌّ فَقَالَ : مَا فَعَلَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ ؟ فَقَالَ : تَابُوا إِلَى اللَّهِ فَقَبِلَ مِنْهُمْ وَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ . فَغَضِبَ
يُونُسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ كَذَّابًا ! ، وَلَمْ تَكُنْ قَرْيَةٌ رَدَّ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ بَعْدَمَا غَشِيَهُمْ إِلَّا قَوْمَ
يُونُسَ ، وَمَضَى غَاضِبًا لِرَبِّهِ . وَكَانَ فِي حِدَّةٍ وَعَجَلَةٍ وَقِلَّةِ صَبْرٍ ، وَلِذَلِكَ نُهِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) .
وَلَمَّا مَضَى ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، أَيْ يَقْضِي عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ ، وَقِيلَ : يُضَيِّقُ عَلَيْهِ الْحَبْسَ ، فَسَارَ حَتَّى رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ فَأَصَابَ أَهْلَهَا عَاصِفٌ مِنَ الرِّيحِ ، وَقِيلَ : بَلْ وَقَفَتْ فَلَمْ تَسِرْ ، فَقَالَ مَنْ فِيهَا : هَذِهِ بِخَطِيئَةِ أَحَدِكُمْ ! فَقَالَ
يُونُسُ : هَذِهِ خَطِيئَتِي فَأَلْقُونِي فِي الْبَحْرِ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ حَتَّى أَفَاضُوا بِسِهَامِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) ، فَلَمْ يُلْقُوهُ ، وَفَعَلُوا ذَلِكَ ثَلَاثًا وَلَمْ يُلْقُوهُ ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ ، وَذَلِكَ تَحْتَ اللَّيْلِ ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْحُوتِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا يَخْمِشَ لَهُ لَحْمًا وَلَا يَكْسِرَ لَهُ عَظْمًا ، فَأَخَذَهُ وَعَادَ إِلَى مَسْكَنِهِ مِنَ الْبَحْرِ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ سَمِعَ
يُونُسُ حِسًّا فَقَالَ فِي نَفْسِهِ : مَا هَذَا ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : إِنَّ هَذَا تَسْبِيحُ دَوَابِّ الْبَحْرِ ، فَسَبَّحَ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، فَسَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْبِيحَهُ ، فَقَالُوا : رَبَّنَا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا بِأَرْضٍ غَرِيبَةٍ . فَقَالَ : ذَلِكَ عَبْدِي
يُونُسُ عَصَانِي فَحَبَسْتُهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ . فَقَالُوا : الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ عَمَلٌ صَالِحٌ ؟ فَشَفَعُوا لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) - ظُلْمَةُ الْبَحْرِ وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ - ! وَكَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) وَذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ إِذَا عَثَرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ) ، أُلْقِيَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ
[ ص: 331 ] وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ ، وَمَكَثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، وَقِيلَ : عِشْرِينَ يَوْمًا ، وَقِيلَ : ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ : سَبْعَةَ أَيَّامٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ، وَهُوَ الْقَرْعُ ، يَتَقَطَّرُ إِلَيْهِ مِنَ اللَّبَنِ ، وَقِيلَ : هَيَّأَ اللَّهُ لَهُ أَرْوِيَةً وَحْشِيَّةً ، فَكَانَتْ تُرْضِعُهُ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْهِ قُوَّتُهُ وَصَارَ يَمْشِي ، فَرَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الشَّجَرَةِ فَوَجَدَهَا قَدْ يَبِسَتْ ، فَحَزِنَ وَبَكَى عَلَيْهَا ، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ ، وَقِيلَ لَهُ : أَتَبْكِي وَتَحْزَنُ عَلَى الشَّجَرَةِ وَلَا تَحْزَنُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَزِيَادَةٍ أَرَدْتَ أَنْ تُهْلِكَهُمْ ! .
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمَهُ فَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَابَ عَلَيْهِمْ ، فَعَمَدَ إِلَيْهِمْ ، فَلَقِيَ رَاعِيًا ، فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْمِ
يُونُسَ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ عَلَى رَجَاءٍ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ رَسُولُهُمْ ، قَالَ : فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ قَدْ لَقِيتَ
يُونُسَ . قَالَ : لَا أَسْتَطِيعُ إِلَّا بِشَاهِدٍ فَسَمَّى لَهُ عَنْزًا مِنْ غَنَمِهِ وَالْبُقْعَةَ الَّتِي كَانَا فِيهَا وَشَجَرَةً هُنَاكَ ، وَقَالَ : كُلُّ هَذِهِ تَشْهَدُ لَكَ ، فَرَجَعَ الرَّاعِي إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ رَأَى
يُونُسَ ، فَهَمُّوا بِهِ ، فَقَالَ : لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أُصْبِحَ . فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا بِهِمْ إِلَى الْبُقْعَةِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا
يُونُسَ فَاسْتَنْطَقَهَا ، فَشَهِدَتْ لَهُ ، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ وَالشَّجَرَةُ وَكَانَ
يُونُسُ قَدِ اخْتَفَى هُنَاكَ . فَلَمَّا شَهِدَتِ الشَّاةُ قَالَتْ لَهُمْ : إِنْ أَرَدْتُمْ نَبِيَّ اللَّهِ فَهُوَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَأَتَوْهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَدْخَلُوهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ ، فَمَكَثَ مَعَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَخَرَجَ سَائِحًا ، وَخَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَصْحَبُهُ ، وَسَلَّمَ الْمَلِكُ إِلَى الرَّاعِي ، فَأَقَامَ يُدَبِّرُ أَمْرَهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعْدَ ذَلِكَ . ثُمَّ إِنَّ
يُونُسَ أَتَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ .
[ ص: 332 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16128وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ : كَانَتْ رِسَالَةُ
يُونُسَ بَعْدَمَا نَبَذَهُ الْحُوتُ ، وَقَالَا : كَذَلِكَ : أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ فَإِنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) . وَقَالَ
شَهْرٌ : إِنَّ
جِبْرَائِيلَ أَتَى
يُونُسَ فَقَالَ لَهُ : انْطَلِقْ إِلَى
أَهْلِ نِينَوَى فَأَنْذِرْهُمُ الْعَذَابَ فَإِنَّهُ قَدْ حَضَرَهُمْ . قَالَ : أَلْتَمِسُ دَابَّةً . قَالَ : الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ : قَالَ : أَلْتَمِسُ حِذَاءً . قَالَ : الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ : فَغَضِبَ وَانْطَلَقَ إِلَى السَّفِينَةِ فَرَكِبَ ، فَلَمَّا رَكِبَ احْتَبَسَتْ ، قَالَ : فَسَاهَمُوا ، فَسُهِمَ ، فَجَاءَتِ الْحُوتُ ، فَنُودِيَ الْحُوتُ : إِنَّا لَمْ نَجْعَلْ
يُونُسَ مِنْ رِزْقِكَ إِنَّمَا جَعَلْنَاكَ لَهُ حِرْزًا ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَانْطَلَقَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى مَرَّ بِهِ الْأُبُلَّةَ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ عَلَى
دِجْلَةَ حَتَّى أَلْقَاهُ
بِنِينَوَى .