الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7272 ) فصل : وإذا دخل السارق حرزا ، فاحتلب لبنا من ماشية ، وأخرجه ، فعليه القطع . به قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه ; لأنه من الأشياء الرطبة . وقد مضى الكلام معه في هذا . وإن شربه في الحرز ، أو شرب منه ما ينقص النصاب ، فلا قطع عليه ; لأنه لم يخرج من الحرز نصابا . وإن ذبح الشاة في الحرز ، أو شق الثوب ، ثم أخرجهما ، وقيمتهما بعد الشق والذبح نصاب ، فعليه القطع . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه في الشاة ; لأن اللحم لا يقطع عنده بسرقته ، والثوب إن شق أكثره ، فلا قطع فيه ; لأن صاحبه مخير بين أن يضمنه قيمة جميعه ، فيكون قد أخرجه وهو ملك له . وقد تقدم الكلام معه في هذه الأصول .

                                                                                                                                            وإن دخل الحرز فابتلع جوهرة وخرج ، فلم تخرج ; فلا قطع عليه ; لأنه أتلفها في الحرز ، وإن خرجت ، ففيه وجهان ; أحدهما : يجب ; لأنه أخرجها في وعائها ، فأشبه إخراجها في كمه . والثاني : لا يجب ; لأنه ضمنها بالبلع ، فكان إتلافا لها ; ولأنه ملجأ إلى إخراجها ; لأنه لا يمكنه الخروج بدونها . وإن تطيب في الحرز بطيب ، وخرج ، ولم يبق عليه من الطيب ، ما إذا جمع كان نصابا ، فلا قطع عليه ; لأن ما لا يجتمع قد أتلفه باستعماله ، فأشبه ما لو أكل الطعام ، وإن كان يبلغ نصابا ، فعليه القطع ; لأنه أخرج نصابا . وذكر فيه وجه آخر ، فيما إذا كان ما تطيب به يبلغ نصابا ، فعليه القطع وإن نقص ما يجتمع عن النصاب ; لأنه أخرج نصابا . والأول أولى .

                                                                                                                                            وإن جر خشبة فألقاها بعد أن أخرج بعضها من الحرز ، فلا قطع عليه ، سواء خرج منها ما يساوي نصابا أو لم يكن ; لأن بعضها لا ينفرد عن بعض . وكذلك لو أمسك الغاصب طرف عمامته ، والطرف الآخر في يد مالكها ، لم يضمنها . وكذلك إذا سرق ثوبا أو عمامة فأخرج بعضهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية