ولنا قول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } . نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدموا رجلا منهم في الصلاة ، فصلى بهم ، وترك في قراءته ما غير المعنى وقد كانوا قاموا إلى الصلاة عالمين بها ، وعرفوا إمامهم وقدموه ليؤمهم ، وقصد إمامتهم ، والقراءة لهم ، وقصدوا الائتمام به ، وعرفوا أركان الصلاة ، فأتوا بها ، ودلت الآية على أنه ما لم يعلم ما يقول ، فهو سكران . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسكران فقال : " ما شربت ؟ " . فقال : ما شربت إلا الخليطين وأتي بآخر سكران ، فقال : ألا أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أني ما سرقت ، ولا زنيت ، فهؤلاء قد عرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتذروا إليه ، وهم سكارى .
وفي حديث عم النبي صلى الله عليه وسلم حين غنته قينة وهو سكران : حمزة
ألا يا حمز للشرف النواء وهن معقلات بالفناء
وكان أناخ شارفين له بفناء البيت الذي فيه علي ، فقام إليها فبقر بطونها ، واجتث أسنمتها ، فذهب حمزة فاستعدى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علي محمرة عيناه ، فلامه النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إليه وإلى حمزة ، فقال : وهل أنتم إلا عبيد لأبي ، فانصرف عنه رسول الله ، فقد فهم ما قالت القينة في غنائها ، وعرف الشارفين وهو في غاية سكره . ولأن المجنون الذاهب العقل بالكلية يعرف السماء من الأرض ، والرجل من المرأة ، مع ذهاب عقله ، ورفع القلم عنه . زيد بن حارثة