( 8680 ) مسألة : قال : ( وإذا دبر عبده ، ومات ، وله مال غائب ، أو دين في ذمة موسر أو معسر ، عتق من المدبر ثلثه ، وكلما اقتضي من دينه شيء ، أو حضر من ماله الغائب شيء ، عتق من المدبر مقدار ثلثه ، كذلك من يعتق الثلث حتى كله ) وجملة ذلك أن ، لم يعتق جميع العبد ; لجواز أن يتلف الغائب ، أو يتعذر استيفاء الدين ، فيكون العبد جميع التركة ، وهو شريك الورثة فيها ، له ثلثها ، ولهم ثلثاها ، فلا يجوز أن يحصل على جميعها ، ولكنه يتنجز عتق ثلثه ، ويبقى ثلثاه موقوفين ; لأن ثلثه حر على كل حال ، لأن أسوأ الأحوال أن لا يحصل من سائر المال شيء ، فيكون العبد جميع التركة ، فيعتق ثلثه ، كما لو لم يكن له مال سواه ، وكلما اقتضي من الدين شيء ، أو حضر من الغائب شيء ، عتق من المدبر قدر ثلثه ، فإذا كانت قيمته مائة ، وقدم من الغائب مائة ، عتق ثلثه الثاني ، فإذا قدمت مائة أخرى ، عتق ثلثه الباقي . السيد إذا دبر عبده ، ومات ، وله مال سواه يفي بثلثي ماله ، إلا أنه غائب ، أو دين في ذمة إنسان
وإن بقي له دين بعد ذلك ، أو مال غائب ، لم يؤثر بقاؤه ; لأن الحاصل من المال يخرج المدبر كله من ثلثه . وهذا أحد الوجهين لأصحاب ، ولهم وجه آخر ، لا يعتق منه شيء ، حتى يستوفى من الدين شيء ، أو يقدم من الغائب شيء ، فيعتق من العبد قدر نصفه ; لأن الورثة لم يحصل لهم شيء ، والعبد شريكهم ، فلا يجوز أن يحصل على شيء ، ما لم يحصل لهم مثلاه . فإن تلف الغائب ، ويئس من استيفاء الدين ، عتق ثلثه حينئذ ، وملكوا ثلثيه ; لأن العبد صار جميع التركة . وهذا لا يصح ; لأن ثلث العبد خارج من الثلث يقينا ، وإنما الشك في الزيادة عليه ، وما خرج من الثلث يقينا ، يجب أن يكون حرا يقينا ، لأن التدبير صحيح ، ولا خلاف في أنه ينفذ في الثلث . ووقف هذا الثلث عن العتق - مع يقين حصول العتق فيه ، ووجود المقتضي له ، وعدم الفائدة في وقفه - لا معنى له . الشافعي
وكون الورثة لم يحصل لهم شيء ، لمعنى اختص بهم ، لا يوجب أن لا يحصل [ ص: 328 ] له شيء مع عدم ذلك المعنى فيه ، ألا ترى أنه لو أبرأه غريمه من دينه ، وهو جميع التركة ، فإنه يبرأ من ثلثه ولم يحصل للورثة شيء ؟
ولو كان الدين مؤجلا ، فأبرأه منه ، برئ من ثلثه في الحال ، وتأخر استيفاء الثلثين إلى الأجل . ولو كان الغريم معسرا ، برئ من ثلثه في الحال ، وتأخر الباقي إلى الميسرة . ولأن تأخير عتق الثلث لا فائدة للورثة فيه ، ويفوت نفعه للمدبر ، فينبغي أن لا يثبت . فإذا ثبت هذا ، فإن العبد إذا عتق كله ، بقدوم الغائب ، أو استيفاء الدين ، تبينا أنه كان حرا حين الموت ، فيكون كسبه له ; لأنه إنما عتق بالتدبير ، ووجود الشرط الذي علق عليه السيد حريته ، وهو الموت ، وإنما وقفناه للشك في خروجه من الثلث ، فإذا زال الشك ، تبينا أنه كان حاصلا قبل زوال الشك . وإن تلف المال ، تبينا أنه كان ثلثاه رقيقا ، ولم يعتق منه سوى ثلثه . وإن تلف بعض المال ، رق من المدبر ما زاد على قدر ثلث الحاصل من المال .