الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8112 ) فصل : فإن حلف لا يكلمه زمنا ، أو وقتا ، أو دهرا ، أو عمرا ، أو مليا ، أو طويلا ، أو بعيدا ، أو قريبا [ ص: 41 ] بر بالقليل والكثير ، في قول أبي الخطاب ، ومذهب الشافعي ; لأن هذه الأسماء لا حد لها في اللغة ، وتقع على القليل والكثير ، فوجب حمله على أقل ما تناوله اسمه ، وقد يكون القريب بعيدا بالنسبة إلى ما هو أقرب منه ، وقريبا بالنسبة إلى ما هو أبعد منه ، ولا يجوز التحديد بالتحكم ، وإنما يصار إليه بالتوقيف ، ولا توقيف هاهنا ، فيجب حمله على اليقين ، وهو أقل ما يتناوله الاسم .

                                                                                                                                            وقال ابن أبي موسى : الزمان ثلاثة أشهر . وقال طلحة العاقولي : الحين والزمان والعمر واحد ; لأنهم لا يفرقون في العادة بينهما ، والناس يقصدون بذلك التبعيد ، فلو حمل على القليل ، حمل على خلاف قصد الحالف . والدهر يحتمل أنه كالحين أيضا لهذا المعنى . وقال في " بعيد " و " مليء " ، " وطويل " : هو أكثر من شهر .

                                                                                                                                            وهذا قول أبي حنيفة ; لأن ذلك ضد القليل ، فلا يجوز حمله على ضده . ولو حمل العمر على أربعين عاما ، كان حسنا ; لقول الله - تعالى مخبرا عن نبيه عليه السلام : { فقد لبثت فيكم عمرا من قبله } . وكان أربعين سنة ، فيجب حمل الكلام عليه ، ولأن العمر في الغالب لا يكون إلا مدة طويلة ، فلا يحمل على خلاف ذلك .

                                                                                                                                            ( 8113 ) فصل : فإن حلف لا يكلمه الدهر ، أو الأبد ، أو الزمان . فذلك على الأبد ; لأن ذلك بالألف واللام ، وهي للاستغراق فتقتضي الدهر كله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية