الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8140 ) فصل : وإن حلف لا يأكل أدما ، حنث بأكل كل ما جرت العادة بأكل الخبز به ; لأن هذا معنى التأدم ، وسواء في هذا ما يصطبغ ، كالطبيخ والمرق والخل والزيت والسمن والشيرج واللبن ، قال الله تعالى في الزيت : { وصبغ للآكلين } . وقال عليه السلام : { نعم الإدام الخل } . وقال : { ائتدموا بالزيت ، وادهنوا به ، فإنه من شجرة مباركة } . رواه ابن ماجه . أو من الجامدات ، كالشواء والجبن والباقلاء والزيتون والبيض .

                                                                                                                                            وبهذا قال [ ص: 52 ] الشافعي ، وأبو ثور . وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : ما لا يصطبغ به فليس بأدم ; لأن كل واحد منهما يرفع إلى الفم منفردا . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { سيد الإدام اللحم } . وقال : { سيد إدامكم الملح } . رواه ابن ماجه . لأنه يؤكل به الخبز عادة ، فكان أدما ، كالذي يصطبغ به ، ولأن كثيرا مما ذكرنا لا يؤكل في العادة وحده ، إنما يعد للتأدم به ، وأكل الخبز به ، فكان أدما ، كالخل واللبن .

                                                                                                                                            وقولهم : إنه يرفع إلى الفم وحده مفردا . عنه جوابان ; أحدهما ، أن منه ما يرفع مع الخبز ، كالملح ونحوه . والثاني ، أنهما يجتمعان في الفم والمضغ والبلع ، الذي هو حقيقة الأكل ، فلا يضر افتراقهما قبله ، فأما التمر ، ففيه وجهان ; أحدهما ، هو أدم ; لما روى يوسف عن عبد الله بن سلام ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع تمرة على كسرة ، وقال : هذه إدام هذه } . رواه أبو داود ، وذكره الإمام أحمد .

                                                                                                                                            والثاني ، ليس بأدم ; لأنه لا يؤتدم به عادة ، إنما يؤكل قوتا أو حلاوة . وإن أكل الملح مع الخبز فهو إدام ; لما ذكرنا من الخبر ، ولأنه يؤكل به الخبر ، ولا يؤكل منفردا عادة ، أشبه الجبن والزيتون .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية