الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8096 ) فصل : وإن حلف ليلبسن امرأته حليا ، فألبسها خاتما من فضة ، أو مخنقة من لؤلؤ ، أو جوهر وحده ، بر في يمينه . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يبر ; لأنه ليس بحلي وحده . ولنا ، قول الله تعالى : { وتستخرجوا منه حلية تلبسونها } وقال تعالى : { يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا } . وجاء في الحديث ، عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال : قال الله - تعالى للبحر الشرقي : إني جاعل فيك الحلية والصيد والطيب ولأن الفضة حلي إذا كانت سوارا أو خلخالا ، فكانت حليا إذا كانت خاتما ، كالذهب ، والجوهر واللؤلؤ حلي مع غيره ، فكان حليا وحده ، كالذهب .

                                                                                                                                            فإن ألبسها عقيقا ، أو سبجا ، لم يبر . وقال الشافعي : إن كان من أهل السواد بر ، وفي غيرهم وجهان ; لأن هذا حلي في عرفهم . ولنا ، أن هذا ليس بحلي ، فلا يبر به ، كالودع ، وخرز الزجاج . وما ذكروه يبطل بالودع . وإن حلف لا يلبس حليا ، فلبس دراهم أو دنانير في مرسلة ، ففيه وجهان ; أحدهما لا ، يحنث ; لأنه ليس بحلي إذا لم يلبسه ، فكذلك إذا لبسه . والثاني : يحنث ; لأنه ذهب وفضة لبسه ، فكان حليا ، كالسوار والخاتم . وإن لبس سيفا محلى ، لم يحنث ; لأن [ ص: 35 ] السيف ليس بحلي . وإن لبس منطقة محلاة ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يحنث ; لأن الحلية لها دونه ، فأشبه السيف المحلى .

                                                                                                                                            والثاني ، يحنث ; لأنها من حلي الرجال ، ولا يقصد بلبسها محلاة في الغالب إلا التجمل بها . وإن حلف لا يلبس خاتما ، فلبسه في غير الخنصر من أصابعه ، حنث . وقال الشافعي : لا يحنث ; لأن اليمين تقتضي لبسا معينا ، معتادا ، وليس هذا معتادا ، فأشبه ما لو أدخل القلنسوة في رجله . ولنا ، أنه لابس لما حلف على ترك لبسه ، فأشبه ما لو ائتزر بالسراويل ، وأما إدخال القلنسوة في رجله ، فهو عبث وسفه ، بخلاف هذا ، فإنه لا فرق بين الخنصر وغيرها ، إلا من حيث الاصطلاح على تخصيصه بالخنصر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية