الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8703 ) فصل : وتصح الكتابة على خدمة ومنفعة مباحة ; لأنها أحد العوضين في الإجارة ، فجاز أن تكون عوضا في الكتابة ، كالأثمان . ويشترط العلم بها ، كما يشترط في الإجارة ، فإن كاتبه على خدمة شهر ودينار . صح ، ولا يحتاج إلى ذكر الشهر ، وكونه عقيب العقد ; لأن إطلاقه يقتضي ذلك ، وإن عين الشهر لوقت لا يتصل بالعقد ، مثل أن يكاتبه في المحرم على خدمته في رجب ودينار ، صح أيضا ، كما يجوز أن يؤجره داره شهر رجب في المحرم .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الشافعي : لا يجوز على شهر لا يتصل بالعقد . ويشترطون ذكر ذلك ، ولا يجوزون إطلاقه ; بناء على قولهم في الإجارة . وقد سبق ذكر الخلاف فيه ، في باب الإجارة . ويشترط كون الدينار المذكور مؤجلا ; لأن الأجل شرط في عقد الكتابة . فإن جعل محل الدينار بعد الشهر بيوم أو أكثر ، صح . بغير خلاف نعلمه . وإن جعل محله في الشهر ، أو بعد انقضائه ، صح أيضا . وهذا قول بعض أصحاب الشافعي . [ ص: 341 ]

                                                                                                                                            وقال القاضي : لا يصح ; لأنه يكون نجما واحدا . وهذا لا يصح ; لأن الخدمة كلها لا تكون في وقت محل الدينار ، وإنما يوجد جزء منها يسير مقاربا له ، وسائرها فيما سواه ، ولأن الخدمة بمنزلة العوض الحاصل في ابتداء مدتها ، ولهذا يستحق عوضها جميعه عند العقد ، فيكون محلها غير محل الدينار ، وإنما جازت حالة ; لأن المنع من الحلول في غيرها لأجل العجز عنه في الحال ، وهذا غير موجود في الخدمة ، فجازت حالة .

                                                                                                                                            وإن جعل محل الدينار قبل الخدمة ، وكانت الخدمة غير متصلة بالعقد ، بحيث يكون الدينار مؤجلا ، والخدمة بعده ، جاز . وإن كانت الخدمة متصلة بالعقد ، لم يتصور كون الدينار قبله ، ولم تجز في أوله ; لأنه يكون حالا ، ومن شرطه التأجيل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية