الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل الشرط الرابع الشهادة على النكاح ( احتياطا للنسب خوف الإنكار فلا ينعقد النكاح إلا بشاهدين ) روي عن عمر وعلي وهو قول ابن عباس رواه الدارقطني لما تقدم ولما روت عائشة مرفوعا { لا بد في النكاح من حضور أربعة الولي والزوج والشاهدين } رواه الدارقطني .

                                                                                                                      وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { البغايا اللواتي ينكحن أنفسهن بغير بينة } رواه الترمذي .

                                                                                                                      ولأنه عقد يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد فاشترطت الشهادة فيه لئلا يجحد أبوه فيضيع نسبه بخلاف غيره من العقود وما روي عن أحمد من { أنه صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها من غير شهود } فمن خصائصه ، كما سبق ( مسلمين ) لقوله عليه الصلاة والسلام { لا نكاح إلا بولي ، وشاهدي عدل } رواه الخلال .

                                                                                                                      ( عدلين ) للخبر ( ذكرين ) لما روى أبو عبيد في الأموال عن الزهري أنه قال " مضت السنة أن لا تجوز شهادة النساء في [ ص: 66 ] الحدود ولا في النكاح ولا في الطلاق " ( بالغين عاقلين ) لأن الصبي والمجنون ليسا من أهل الشهادة ( سميعين ) لأن الأصم لا يسمع العقد فيشهد به ( ناطقين ) لأن الأخرس لا يتمكن من أداء الشهادة .

                                                                                                                      ( ولو كانا عبدين ) كسائر الشهادات ( أو ) كانا ( ضريرين إذا تيقنا الصوت تيقنا لا شك فيه ) كالشهادة بالاستفاضة ( أو ) كانا ( عدوي الزوجين أو ) عدوي ( أحدهما أو ) عدوي ( الولي ) لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { وشاهدي عدل } ولأنه ينعقد بهما غير هذا النكاح فانعقد هو أيضا بهما كسائر العقود و ( لا ) ينعقد النكاح ( بمتهم لرحم كابني الزوجين أو ابني أحدهما ونحوه ) كأبويهما وابن أحدهما وأبي الآخر للتهمة .

                                                                                                                      ( ولا ) ينعقد النكاح أيضا ( بأصمين أو أخرسين أو ) بشاهدين ( أحدهما كذلك ) أي أصم أو أخرس لما تقدم ( ولا يبطل النكاح بالتواصي بكتمانه ) لأنه لا يكون مع الشهادة عليه مكتوما ( فإن كتمه ) أي النكاح ( الزوجان والولي والشهود قصدا صح العقد وكره ) كتمانهم له لأن السنة إعلان النكاح ( ولا ينعقد نكاح مسلم بشهادة ذميين ) ولا بشهادة مسلم وذمي لقوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } .

                                                                                                                      ( ولو كانت الزوجة ذمية ) كتابية أبواها كتابيان ( ولو أقر رجل وامرأة أنهما نكحا بولي وشاهدي عدل قبل منهما ) لأنه لا منازع لهما فيه ( ويثبت النكاح بإقرارهما ) لعدل المخاصم فيه ( و يكفي العدالة ظاهرا فقط ) في الشاهدين بالنكاح بأن لا يظهر فسقهما لأن الغرض من الشهادة إعلان النكاح ولهذا يثبت بالتسامع .

                                                                                                                      فإذا حضر من يشتهر بحضوره كفى ، ولأن النكاح يقع بين عامة الناس في مواضع لا تعرف فيها حقيقة العدالة فاعتبار ذلك يشق ( فلو بانا ) أي الشاهدان بالنكاح بعده ( فاسقين فالعقد صحيح ) ولا ينقض وكذا لو بان الولي فاسقا لأن الشرط العدالة ظاهرا وهو أن لا يكون ظاهر الفسق وقد تحقق ذلك .

                                                                                                                      ( ولو تاب ) الشاهد ( في مجلس العقد فكمستور ) العدالة ( قاله في الترغيب ) فيكفي وكذا لو تاب الولي في المجلس قلت : بل يكتفى بذلك بحيث اعتبرت العدالة مطلقا لأن إصلاح العمل ليس شرطا فيها كما يأتي .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية