الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن حلف ) على شيء ( ليفعلنه لم يبرأ حتى يفعله جميعه ) لأن ذلك حقيقة اللفظ ولأن مطلوبه تحصيل الفعل وهو كالأمر ولو أمر الله تعالى بشيء لم يخرج من العهدة إلا بفعل جميعه فكذا هنا .

                                                                                                                      ( و ) لو حلف ( لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو دخل طاق الباب ) منها لم يحنث لأنه لم يدخلها ( أو ) حلف ( لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه ) لم يحنث لأنه لم يشربه ( أو ) حلف ( لا يبيع عبده ولا يهبه فباع ) بعضه ( أو وهب بعضه لم يحنث ) وكذا لو باع البعض ووهب البعض لأنه لم يبعه ولم يهبه .

                                                                                                                      ( وإن حلف ) على امرأته أو غيرها ( لا ألبس من غزلها ولم يقل ثوبا فلبس ثوبا فيه منه ) أي من غزلها حنث لأنه لبس من غزلها ( أو ) حلف ( لا آكل طعاما اشتريته ) بكسر التاء للمخاطبة ( فأكل طعاما شوركت ) بالبناء للمفعول ( في شرائه ) أي اشترته مع غيرها ( حنث ) إلا أن ينوي ما انفردت بشرائه .

                                                                                                                      ( و ) إن حلف ( لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو ) حلف لا يلبس ثوبا ( نسجه ) زيد ( أو ) حلف ( لا يأكل طعاما طبخه ) زيد مثلا ( أو ) حلف ( لا يدخل دارا له ) أي لزيد ( ولا لغيره أو ) حلف ( لا يلبس ما خاطه ) زيد ( فلبس ثوبا نسجه هو ) أي زيد ( وغيره أو ) لبس ثوبا ( اشترياه ) أي [ ص: 319 ] زيد وغيره حنث لأن شركة غيره معه لا تمنع نسبته وإضافته إليه لأنها تكون للأدنى ملابسة .

                                                                                                                      ولا يخفى ما في كلامه من اللف والنشر ( إلا أن تكون له نية ) بأن نوى ما انفرد به فلا يحنث بما شورك فيه ( وإن ) حلف لا يأكل شيئا مما اشتراه زيد و ( اشترى غيره شيئا فخلطه بما اشتراه ) زيد ( فأكل ) الحالف ( أكثر مما اشتراه شريكه ) أي شريك زيد ( حنث ) وجها واحدا لا يعلم بالضرورة أنه أكل مما اشتراه زيد وهو شرط الحنث ( وإن أكل ) الحالف ( مثله ) أي مثل ما اشتراه شريك زيد ( أو ) أكل ( أقل منه لم يحنث ) لأن الأصل عدم الحنث ولم يتضمنه وحكمه حكم ما لو حلف لا يأكل ثمرة فوقعت ، في ثمر على ما يأتي ولو قايل زيد في مأكول كان باعه فأكل الحالف منه لم يحنث لأن الإقالة فسخ كما تقدم لا بيع على الأصح .

                                                                                                                      ( ولو اشتراه ) زيد ( لغيره ) بولاية أو وكالة فأكل الحالف منه حنث لأنه أكل مما اشتراه زيد ( أو باعه ) أي باع زيد ما اشتراه ( حنث ) الحالف ( بأكل ) منه لأن بيعه له لم يرفع شراءه إياه فصدق أنه أكل مما اشتراه زيد ( والشركة ) وهي بيع البعض بقسطه من الثمن ( والتولية ) وهي بيع المبيع برأس ماله ( والسلم والصلح على مال شري ) يحنث بها من حلف لا يشتري ويحنث بالأكل مما ملكه زيد لها لأنه صور من البيع وإن اختصت بأسماء كما تقدم .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية