الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فلو وجب القود أو الرجم على حامل أو على حائل و ) حملت بعد وجوبه ( لم تقتل حتى تضع الولد وتسقيه اللبأ ) قال في المبدع بغير خلاف لما روى ابن ماجه بإسناده عن عبد الرحمن بن غنم قال حدثنا معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قتلت المرأة عمدا فلا تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملا وحتى [ ص: 536 ] تكفل ولدها ، وإن زنت لم ترجم حتى تضع ما في بطنها ، وحتى تكفل ولدها } ولأنه يخاف على ولدها ، وقتله حرام ، والولد يتضرر بترك اللبأ ضررا كثيرا ، وقال في الكافي : لا يعيش إلا به ( ثم إن وجد من يرضعه مرضعة راتبة قتلت ) ; لأن تأخير قتلها إنما كان للخوف على ولدها ، وقد زال ذلك .

                                                                                                                      ( وإن وجد مرضعات غير رواتب ، أو ) وجد ( لبن شاة ونحوها ليسقي منه راتبا جاز قتلها ) ; لأنه لا يخاف على الولد إذن التلف ( ويستحب لولي القتل تأخيره ) حينئذ ( إلى الفطام ) دفعا لضرر الولد بذلك ( وإن لم يكن له ) أي الولد ( من يرضعه تركت حتى ترضعه حولين ثم تقطعه ) للخبر والمعنى لأن القتل إذا أخر من أجل حفظ الحمل فلأن يؤخر من أجل حفظ الولد أولى ( ولا تجلد ) الحامل ( في الحد ) حتى تضع ( ولا يقتص منها في الطرف حتى تضع ) لأنه لا يؤمن التعدي إلى تلف الولد أشبه الاقتصاص في النفس بل يقاد منها بمجرد الوضع صرح به في الفروع وغيره وجزم به في المنتهى .

                                                                                                                      ( قال الموفق وغيره ) حتى تضع ( وتسقيه اللبأ ) قال في المبدع وهو ظاهر ( فإذا أوضعت الولد وانقطع النفاس وكانت قوية يوم تلفها ولا يخاف على الولد الضرر من تأثر اللبن أقيم عليها الحد من قطع الطرف والجلد ) لعدم المانع ( وإن كانت في نفاسها أو ضعيفة يخاف تلفها لم يقم عليها حتى تطهر وتقوى ) دفعا للضرر وقال في الإنصاف : الصحيح من المذهب أنه لا يقتص منها بالوضع قال في التنقيح بل بمجرد الوضع قبل سقي اللبن ( ويأتي في كتاب الحدود ) بأوضح من هذا .

                                                                                                                      ( وإن ادعت من وجد عليها القصاص الحمل قبل منها إن أمكن ) لأن للحمل أمارات خفية تعلمها من نفسها دون غيرها لوجب أن يحتاط له كالحيض ( وتحبس حتى يتبين أمرها ) احتياطا لمن وجب له القصاص ( ولا تحبس لحد ) يعني لو ادعت من وجب عليها الحد أنها حامل قبل منها إن أمكن ولم تحبس .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية