لقوله تعالى حكاية عن ومنافع الحر والعبد سواء شعيب مع موسى { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } ولأن منفعة الحر يجوز أخذ العوض عنها في الإجارة فجازت صداقا [ ص: 130 ] كمنفعة العبد ومن قال ليست مالا ممنوعا لأنه يجوز المعاوضة عنها وبها ثم إن لم تكن مالا أجريت مجرى المال ( فإن فعليه نصف أجرة ذلك ) النفع الذي جعله صداقا لها . طلقها قبل الدخول وقبل استيفاء المنفعة
( وإن كانت ) المنفعة التي جعلها صداقا لها ( مجهولة كرد آبقها أين كان وخدمتها فيما شاءت شهرا لم يصح ) ذلك صداقا لأنه عوض في عقد معاوضة فلم يصح مجهولا كالثمن في البيع والأجرة في الإجارة ( وإن صح ) بدليل قصة تزوجها على منافعه ) المعلومة ( أو ) على ( منافع غيره المعلومة مدة معلومة موسى وقياسا على منفعة العبد .
( ويصح ) أن كخياطة ثوب معين ( منه ومن غيره ) فإن تلف الثوب قبل خياطته فعليه أجرة المثل كما لو أصدقها تعليم عبدها صناعة فمات قبل ذلك وإن عجز عن خياطته مع بقائه فمات لمرض ونحوه فعليه أن يقيم مقامه من يخيطه وإن طلقها قبل خياطته وقبل الدخول فعليه خياطة نصفه إن أمكن معرفة نصفه ، وإلا فنصف الأجرة إلى أن يبدل خياطة أكثر من نصفه بحيث يعلم أنه قد خاط النصف يقينا ذكره في الشرح انتهى . يتزوجها ( على عمل معلوم )
( و ) يصح أيضا أن نصا ولو مكيلا ونحوه ) كموزون ومعدود ومذروع لأن الصداق ليس ركنا في النكاح فاغتفر الجهل اليسير والغرر الذي يرجى زواله ولأن القصد بالنكاح الوصلة والاستمتاع . يتزوجها على ( دين سلم أو غيره وعلى غير مقدور له كآبق ومغتصب يحصلهما ومبيع اشتراه ولم يقبضه
( وعليه ) أي : على الزوج ( تحصيله ) أي : المبيع قبل قبضه ونحوه ( فإن تعذر ) عليه تحصيله ( ف ) عليه ( قيمته ) لمحل الحاجة وإن كان مثليا فلها مثله عند تعذره لأن المثل أقرب إليه .
( و ) يصح أن لأنه مال معلوم ( أو ) أن يتزوجها ( على أن يشتري لها عبد زيد ) لأن بذل العوض له في مقابلته جائز . يتزوجها على أن يعتق أباها أو عتق قن له من ذكر أو أنثى
( فإن تعذر شراؤه أو طلب ) ربه ( به أكثر من قيمته فلها قيمته ) لأنه عوض تعذر تسليمه فرجع إلى قيمته كما لو كان بيده فاستحق ( فإن جاءها بقيمته مع إمكان شرائه لم يلزمها قبوله ) لأنه يفوت عليها الغرض في عتقه .
( وكل موضع لا تصح فيه التسمية أو خلا العقد عن ذكره حتى في التفويض ويأتي يجب مهر المثل بالعقد ) لأن المرأة لا تسلم إلا ببدل ولم يسلم البدل وتعذر رد العوض فوجب بدله كما لو باعه سلعة بخمر فتلفت عند المشتري .
( وإن صح ) لأنه يصح أخذ الأجرة على تعليمه فجاز أن يكون صداقا كمنافع الدار ( حتى ولو كان لا يحفظه ويتعلمه ثم يعلمها ) لأنه بذلك يخرج من عهدة ما وجب عليه . أصدقها تعليم أبواب فقه أو ) أبواب ( حديث أو ) تعليم ( شيء من شعر مباح أو أدب أو صنعة أو كتابة أو ما يجوز أخذ الأجرة على تعليمه [ ص: 131 ] وهو معين
( وإن تعلمته ) أي تعلمت ما أصدقها تعليمه من غيره لزمته أجرة التعليم ( أو تعذر عليه تعليمها ) بأن أصدقها خياطة فتعذر ( لزمته أجرة التعليم ) لأنه لما تعذر الوفاء بالواجب ; وجب الرجوع إلى بدله .
( وإن ( فلا شيء عليه ) لأنه قد وفاها . علمها ) ما أصدقها تعليمه ( ثم نسيتها ) أي : الصنعة التي علمها إياها
( وإن لقنها الجميع وكلما لقنها شيئا نسيته لم يعتد بذلك تعليما ) لأن العرف لا يعده تعليما ( وإن ادعى أنه علمها وادعت أن غيره علمها فالقول قولها ) لأن الأصل عدمه .
( وإن جاءته بغيرها ليعلمه ما كان يريد يعلمها ) لم يلزمه لأن المستحق عليه العمل في عين لم يلزمه إيقاعه في غيرها كما لو استأجرته لخياطة ثوب فأتته بغيره ولأن المتعلمين يختلفون في التعليم اختلافا كثيرا ( أو أتاها بغيره يعلمها لم يلزمها قبوله ) لأن المعلمين يختلفون في التعليم وقد يكون لها غرض في التعليم منه لكونه زوجها .
( وإن طلقها قبل الدخول وقبل تعليمها فعليه نصف الأجرة ) أي : نصف أجرة مثل تعليم ما أصدقها تعليمه لأنها قد صارت أجنبية عنه فلا يؤمن في تعليمها الفتنة .
( و ) عليه بطلاقها قبل التعليم وبعد ( الدخول كلها ) أي : كل الأجرة لاستقرار ما أصدقها بالدخول ( وإن كان ) طلقها قبل الدخول ( بعد تعليمه رجع عليها بنصف الأجرة ) لأن الطلاق قبل الدخول يوجب نصف الصداق والرجوع بنصف التعليم متعذر فوجب الرجوع إلى بدله وهو الأجرة ( ولو حصلت الفرقة من جهتها ) قبل الدخول وبعد التعليم ( رجع عليها بالأجرة كاملة ) لتعذر الرجوع بالتعليم .
( وإن أصدقها تعليم شيء معين من القرآن لم يصح ) الإصداق لأن الفروج لا تستباح إلا بالمال لقوله تعالى { أن تبتغوا بأموالكم } { ومن لم يستطع منكم طولا } والطول المال ولأن تعليم القرآن قربة ولا يصح أن تكون صداقا كالصوم .
وحديث الموهوبة قيل معناه زوجتكها لأنك من أهل القرآن كما زوج على إسلامه فروى أبا طلحة بإسناده أن ابن عبد البر أتى أبا طلحة أم سليم يخطبها قبل أن يسلم فقالت : أتزوجك وأنت تعبد خشبة نحتها عبد بني فلان إن أسلمت تزوجت بك قال فأسلم [ ص: 132 ] فتزوجها على إسلامه " وليس في الحديث الصحيح ذكر التعليم ويحتمل أن يكون خاصا بذلك الرجل ويؤيده { أبو طلحة أن النبي زوج غلاما على سورة من القرآن ثم قال لا تكون بعدك مهرا } رواه سعيد ( وإن والبخاري لم يصح ولو كانت ) المرأة ( كتابية أو ) كان ( المصدق كتابيا لأنه ) أي : المذكور من التوراة أو الإنجيل ( منسوخ مبدل فهو كما لو أصدقها محرما ) ولها مهر المثل . أصدقها تعليم التوراة والإنجيل أو شيئا منهما