[ ص: 209 ] فصل في النشوز وهو كراهة كل من الزوجين صاحبه وسوء عشرته يقال : نشزت المرأة على زوجها فهي ناشزة وناشز ، ونشز عليها زوجها جفاها وأضر بها قاله في المبدع وغيره ( وهو معصيتها إياه فيما يجب عليها ) مأخوذ من النشز وهو ما ارتفع من الأرض فكأنها ارتفعت عما فرض الله عليها من المعاشرة بالمعروف ويقال نشصت بالشين المعجمة والصاد المهملة ( وإذا ظهر منها أمارات النشوز بأن تتثاقل ) إذا دعاها ( أو تتدافع إذا دعاها إلى الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متكرهة ويختل أدبها في حقه ، وعظها ) بأن يذكر لها ما أوجب الله عليها من الحق وما يلحقها من الإثم بالمخالفة ، وما يسقط بذلك من النفقة والكسوة ، وما يباح له من هجرها وضربها لقوله تعالى { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن } .
( فإن رجعت إلى الطاعة والأدب حرم الهجر والضرب ) لزوال مبيحه ( وإن أصرت ) على ما تقدم ( وأظهرت النشوز بأن عصته وامتنعت من إجابته إلى الفراش ، أو خرجت من بيته بغير إذنه ونحو ذلك هجرها في المضجع ما شاء ) لقوله تعالى { واهجروهن في المضاجع } وقال " لا تضاجعها في فراشك " وقد { ابن عباس } متفق عليه . هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه فلم يدخل عليهن شهرا
( و ) هجرها ( في الكلام ثلاثة أيام لا فوقها ) لحديث { أبي هريرة } والهجر ضد الوصل والتهاجر التقاطع ( فإن لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ( فله أن يضربها ) لقوله تعالى { أصرت ولم ترتدع ) بالهجر واضربوهن } .
( فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش وتركها من الكلام ) ثلاثة أيام ( ضربا غير مبرح أي غير شديد ) لحديث عبد الله بن زمعة يرفعه { } ( ويجتنب الوجه ) تكرمة له ( و ) يجتنب ( البطن والمواضع المخوفة ) خوف القتل . لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها في آخر اليوم
( و ) يجتنب المواضع ( المستحسنة ) لئلا يشوهها ، ويكون الضرب ( عشرة أسواط فأقل ) لقوله - صلى الله عليه وسلم - { } متفق عليه . لا يجلد أحدكم [ ص: 210 ] فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله
وفي الترغيب وغيره والأولى ترك ضربها إبقاء للمودة ( وقيل ) يضربها ( بدرة أو مخراق ) وهو منديل ملفوف ( لا بسوط ولا بخشب ) لأن المقصود التأديب وزجرها فيبدأ فيه بالأسهل فالأسهل ( فإن تلفت من ذلك فلا ضمان عليه ) لأنه مأذون فيه شرعا .
( ويمنع منها ) أي من هذه الأشياء ( من ) أي زوج ( علم بمنعه حقها حتى يؤديه و ) حتى ( يحسن عشرتها ) لأنه يكون ظالما بطلبه حقه مع منعه حقها وينبغي للمرأة أن لا تغضب زوجها لما روى بسنده عن أحمد الحصين بن المحصن { } قال في الفروع : إسناده جيد وينبغي للزوج مداراتها نقل أن عمة له أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ذات زوج أنت ؟ قالت : نعم فقال انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك ونارك ابن منصور : حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحقد وحدث رجل ما قيل : العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل فقال لأحمد العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل ( ولا يسأله أحد لم ضربها ؟ ولا أبوها ) لما روى أحمد أبو داود عن الأشعث عن أنه قال يا عمر أشعث احفظ مني شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تسألن رجلا فيم ضرب امرأته ؟ " ( ولأن فيه إبقاء للمودة ) ولأنه قد يضربها لأجل الفراش فإن أخبر بذلك استحى ، وإن أخبر بغيره كذب .
كالصلاة والصوم الواجبين ( نصا ) قال ( وله تأديبها على ترك فرائض الله تعالى ) رضي الله عنه في قوله تعالى { علي قوا أنفسكم وأهليكم نارا } قال " علموهم وأدبوهم " وروى بإسناده عن الخلال قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { جابر } ، فإن لم تصل فقال رحم الله عبدا علق في بيته سوطا يؤدب به أهله أخشى أن لا يحل للرجل أن يقيل مع امرأة لا تصلي ولا تغتسل من الجنابة ولا تتعلم القرآن ولا يؤدبها في حادث متعلق بحق الله تعالى كسحاق . أحمد