الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب سنة الطلاق وبدعته طلاق السنة ما أذن الشارع فيه والبدعة ما نهى عنه ولا خلاف أن المطلق على الصفة الأولى مطلق للسنة قاله ابن المنذر وابن عبد البر والأصل فيه قوله تعالى { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } قال ابن مسعود وابن عباس طاهرات من غير جماع وحديث { ابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ثم إن شاء طلقها طاهرا قبل أن يمس } وهو في الصحيحين ( السنة فيه ) أي الطلاق ( أن يطلقها واحدة ) لقول علي رواه النجاد ( في طهر لم يصبها فيه ) لما تقدم من قول ابن مسعود وابن عباس ( ثم يدعها فلا يتبعها طلاقا آخر حتى تنقضي عدتها ) لقول علي : لا يطلق أحد السنة فيندم رواه الأثرم .

                                                                                                                      وهذا لا يحصل إلا في حق من لم يطلق ثلاثا ولأن المقصود من الطلاق فراقها وفراقها حاصل بالطلاق الأول ( إلا في طهر يتعقب الرجعة من طلاق ) في ( حيض فبدعة ) في ظاهر المذهب اختاره الأكثر لحديث ابن عمر السابق ( زاد في الترغيب ويلزمه وطؤها ) أي وطء من طلقها وهي حائض ثم راجعها إذا طهرت واغتسلت [ ص: 240 ] ( وإن طلق المدخول بها في حيض ) أو نفاس ( أو طهر أصابها فيه ولو ) أنه طلقها ( في آخره ) أي آخر الطهر الذي أصابها فيه ( ولم يستبن ) أي يظهر ويتضح ( حملها فهو طلاق بدعة محرم ) لمفهوم ما تقدم .

                                                                                                                      ( ويقع نصا ) طلاق البدعة قال ابن المنذر وابن عبد البر لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال انتهى لأنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر بالمراجعة وهي لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق وفي لفظ الدارقطني قال { قلت يا رسول الله أرأيت لو أني طلقتها ثلاثا قال كانت تبين منك وتكون معصية } وذكر في الشرح هذا الحديث مع غيره .

                                                                                                                      وقال كلها أحاديث صحاح .

                                                                                                                      وقال نافع وكان عبد الله طلقها تطليقة فحسبت من طلاقه راجعها كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه طلاق من مكلف في محله فوقع كطلاق الحامل ولأنه ليس بقربة فيعتبر لوقوعه موافقة السنة بل هو إزالة عصمة وقطع ملك فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظا عليه وعقوبة له .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية