الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا جنى العبد جناية فأخبر ولي الجناية ولي العبد فأعتقه فقال لم أصدقه فيما أخبر به فهو مختار للفداء لأن ولي الجناية في اختياره يطلب بحقه فعلى المولى أن ينظر في خبره .

( ألا ترى ) أنه لو أخبر القاضي بذلك وطالبه بإحضار المولى وتكليفه الجواب أجابه القاضي إلى ذلك فكذلك إذا أخبر المولى بذلك كان عليه أن ينظر إلى خبره فإذا لم يفعل وأعتق العبد كان هذا بمنزلة الإعتاق بعد العلم بالجناية فيكون مختارا وكذلك إن أخبره رسول ولي الجناية فاسقا كان الرسول أو عدلا لأن عبارة الرسول كعبارة المرسل فأما إذا أخبره بذلك فضولي فإن صدقه فيما أخبره به ثم أعتق العبد فهو مختار للفداء أيضا وإن كذبه في ذلك أو لم يصدقه ولم يكذبه حتى أعتق العبد فإن كان المخبر عدلا فكذلك الجواب لأن خبر العدل مقبول فيما يكون ملزما وإن كان المخبر فاسقا فعلى قول أبي حنيفة لا يكون مختارا للفداء ولكن عليه قيمته باستهلاكه إياه وعند أبي يوسف ومحمد هو مختار للفداء وهذا من الجنس الذي بيناه في المأذون أن عندهما خبر الواحد في المعاملات مقبول عدلا كان أو فاسقا وعند أبي حنيفة فيما يتعلق به اللزوم لا يعتبر خبر الفاسق وهذا خبر الملزم في حق المولى لأن الإعتاق بعد العلم بالجناية يلزمه الفداء فلا يعتبر فيه خبر الفاسق إذا كان فضوليا وإن أخبره به فاسق ففي إحدى الروايتين كذلك وفي الرواية الأخرى يكون مختارا للفداء لأنه تم إحدى شطري الحجة وهو العدد فيعتبر بما لو وجد الشطر الآخر وهو العدالة في حق المخبر الواحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية