الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ومن تلك المسائل قال لو أوصى لرجل بالثلث ولآخر بعبد قيمته ألف درهم وله ألفا درهم سوى ذلك ، فإن صاحب الثلث يضرب فيه بثلث الألفين وسدس العبد ويضرب صاحب العبد بخمسة أسداس العبد فما أصاب صاحب العبد فهو في العبد ، وهو النصف وما أصاب الثلث فهو فيما بقي من العبد والمال فيكون له خمس ما بقي من العبد وخمس المال في قول أبي حنيفة ; لأنه اجتمع في العبد وصيتان وصية بجميعه وبثلثه فيسلم ثلثاه لصاحب الجميع بلا منازعة والثلث بينهما نصفان لاستواء منازعتهما فيه ، وإذا صار العبد على ستة فكل ألف من الألفين كذلك فهما اثنا عشر للموصى له بالثلث أربعة فبلغت سهام الوصايا عشرة فيجعل ذلك ثلث المال وجميع المال ثلاثون العبد من ذلك عشرة هو للموصى له بالعبد خمسة وهي نصف العبد وللموصى له بالثلث خمسة أسهم سهم من العبد ، وهو خمس ما بقي منه وأربعة أسهم من سهام الألفين وذلك خمس العشرين وحصل للورثة من الألفين ستة عشر سهما ، ومن العبد أربعة أسهم فاستقام الثلث والثلثان ، وفي قول أبي حنيفة ومحمد يكون لصاحب الثلث ما بقي من العبد ، وهو سدس العبد وسدس الألفين ، وإنما يقتسم هذا الجواب عندهما على الطريق الثاني ; لأن الموصى له بالعبد يضرب في العبد بستة والموصى له بالثلث من ذلك بسهمين فسهام العبد ثمانية وكل واحد من الألفين على ستة باعتبار الأصل للموصى له بالثلث من ذلك أربعة فبلغت سهام الوصايا اثني عشر وذلك الثلث وجميع المال ستة وثلاثون العبد منه اثنا عشر [ ص: 168 ] للموصى له بالعبد ستة نصف العبد وللموصى له بالثلث من العبد سهمان ، وهو ثلث ما بقي منه وسدس جميع العبد وله من الألفين أربعة من أربعة وعشرين ، وهو السدس فاستقام التخريج على هذا الطريق ، ثم قال في الأصل فأي هذين القولين قلت فهو حسن ، وهو إشارة إلى أن بين الطريقين في المعنى تفاوتا وبهذا اللفظ يستدل من يزعم أن مذهب المتقدمين من أصحابنا أن كل مجتهد مصيب وليس كما زعموا ; لأنه أراد به أن كل واحد من الطريقين طريق حسن في التخريج عند أهل الحساب لا أن يكون كل واحد من المجتهدين مصيبا للحكم باجتهاده حقيقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية