الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أوصى لرجل بسيف قيمته مائة ولآخر بسدس ماله وله خمسمائة درهم سوى السيف كان لصاحب السيف أحد عشر سهما من اثني عشر سهما من السيف في قول أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه اجتمع في السيف وصيتان وصية بجميعه ووصية بسدسه والقسمة في هذا عند أبي حنيفة [ ص: 165 ] على طريق المنازعة فخمسة أسداس السيف تسلم لصاحب السيف بلا منازعة ، وقد استوت منازعتهما في السدس فكان بينهما نصفين وتبين أن سهام السيف صارت على اثني عشر لحاجتنا إلى سدس ينقسم نصفين وقيمة السيف مائة فكل مائة من الخمسمائة يكون على اثني عشر أيضا فذلك ستون سهما للموصى له بالسدس سدس ذلك ; لأنه أوصى له بسدس ماله فيستحق به السدس من كل مال وذلك عشرة فتبين أن للموصى له بالسدس أحد عشر سهما عشرة من الخمسمائة وسهم من السيف ولصاحب السيف أحد عشر ، فقد بلغت سهام الوصايا اثنين وعشرين وذلك دون الثلث ; لأن سهام المال اثنان وسبعون والسالم للورثة خمسون فكان التخريج مستقيما .

وفي قول أبي حنيفة ومحمد قسمة السيف بين الموصى لهما على طريق العول فيضرب فيه صاحب السيف بستة وصاحب السدس بسهم فيكون السيف بينهما على سبعة أسهم والخمسمائة الأخرى تجعل كل مائة على سبعة أيضا فذلك خمسة وثلاثون للموصى له بالسدس سدس ذلك وذلك خمسة وخمسة أسداس سهم ، فقد نفذت الوصية له في هذا القدر من الخمسمائة ، وفي سهم من السيف وذلك ستة وخمسة أسداس ولصاحب السيف ستة من السيف كلها فذلك اثنا عشر وخمسة أسداس وجملة سهام المال اثنان وأربعون فكانت الوصية بأقل من الثلث فلا حاجة إلى إجازة الورثة ، ولو كان أوصى مع هذا أيضا بالثلث كان الثلث بينهم يضرب فيه صاحب السدس بسدس خمسمائة وثلث سدس السيف وصاحب السدس بثلث خمسمائة وخمسة أسداس سدس السيف وصاحب السيف بخمسة أسداس السيف إلا سدس سدس السيف فما أصاب صاحب السيف كان في السيف وما أصاب صاحب الثلث كان في الدراهم ، وفيما بقي من السيف ، وكذلك ما أصاب صاحب السدس في قياس قول أبي حنيفة ، وهذا لأنه اجتمع في السيف ثلاث وصايا وصية بجميعه ووصية بثلثه ووصية بسدسه فتكون القسمة على طريق المنازعة .

وفي الحاصل تصير سهام السيف على ستة وثلاثين لحاجتنا إلى سدس ينقسم أثلاثا فلصاحب الجميع ثلثاه بلا منازعة أربعة وعشرون وسدس ، وهو ستة لا منازعة فيه لصاحب السدس فهو بين صاحب الثلث والجميع نصفان لكل واحد منهما ثلاثة ، وقد استوت منازعتهم في السدس فيكون بينهم ستين أثلاثا لكل واحد منهما سهمان فحصل للموصى له بالسيف بلا منازعة أربعة وعشرون وبالمنازعة خمسة فذلك تسعة وعشرون ، وهو خمسة أسداس السيف إلا سدس سدسه ; لأن كل سدس منه ستة وحصل لصاحب الثلث بالمنازعتين [ ص: 166 ] خمسة وذلك خمسة أسداس سدس السيف وحصل لصاحب السدس سهمان ، وهو ثلث سدس السيف كما قال في الكتاب ، ثم المال الآخر ، وهو خمسمائة تجعل كل مائة منه على ستة وثلاثين فيصير جملته مائة وثمانين للموصى له بالثلث ثلث ذلك ، وهو ستون ، وللموصى له بالسدس سدس ذلك ثلاثون فكان لهما تسعون وظهر أن مبلغ سهام الوصايا مائة وستة وعشرون ، وهو أكثر من الثلث فالسبيل فيه أن يجعل ثلث المال بينهم على هذه السهام والثلثان ضعف ذلك فجملة المال ثلثمائة وثمانية وسبعون السيف من ذلك سدسه وذلك ثلاثة وستون يأخذ صاحب السيف من ذلك تسعة وعشرين مقدار حقه وصاحب الثلث خمسة وصاحب السدس سهمين ويبقى للورثة من السيف سبعة وعشرون ، ثم يأخذ صاحب الثلث من سهام الخمسمائة مقدار حقه ستين وصاحب السدس ثلاثين فجملة ما نفذت فيه الوصية لهم مائة وستة وعشرون وحصل للورثة ضعف ذلك مائتان واثنان وخمسون مائتان وخمسة وعشرون من الخمسمائة وسبعة وعشرون من سهام السيف فاستقام الثلث والثلثان ولم يذكر تخريج قولهما في الكتاب

وعندهما القسمة على طريق العول فيضرب صاحب السيف في السيف بستة وصاحب الثلث بسهمين وصاحب السدس بسهم فكان السيف بينهم على تسعة وكل مائة من الخمسمائة الباقية تكون على تسعة أيضا فذلك خمسة وأربعون للموصى له بالثلث ثلث ذلك خمسة عشر وللموصى له بالسدس سدس ذلك سبعة ونصف فكان جملة سهام الوصايا أحد وثلاثون ونصف وذلك فوق الثلث فيجعل الثلث بينهم على أحد وثلاثين ونصف والثلثان ضعف ذلك فيكون جملته أربعة وتسعين ونصف السيف من ذلك السدس وذلك خمسة عشر وثلاثة أرباع للموصى له بالسيف ستة كله من السيف وللموصى له بالثلث سهمان وللموصى له بالسدس سهم وبقي للورثة من سهام السيف ستة وثلاثة أرباع يأخذ الموصى له بالثلث مما بقي خمسة عشر والموصى له بالسدس سبعة ونصفا ، فإذا جمعت بين ذلك حصل تنفيذ الوصية لهم في أحد وثلاثين ونصف وحصل للورثة ضعف ذلك ثلاثة وستون فاستقام الثلث والثلثان ، فإذا أردت إزالة الكسر فلا طريق فيه سوى التضعيف .

قال رحمه الله : وقد خرج شيخنا الإمام الحلواني رحمه الله قولهما على طريق آخر ، وهو أن السيف لما صار بين الموصى لهم على تسعة باعتبار العول فكل مائة من الخمسمائة الباقية تكون على ستة ; لأنه لا عول في الخمسمائة الباقية فسهام الخمسمائة الباقية إذن ثلاثون للموصى له بالثلث عشرة وللموصى له [ ص: 167 ] بالسدس خمسة فذلك خمسة عشر ، فإذا ضممت ذلك إلى سهام السيف تسعة كان أربعة وعشرين فيجعل الثلث بينهم على أربعة وعشرين وجميع المال اثنان وسبعون السيف من ذلك اثنا عشر لصاحب السيف ستة ولصاحب الثلث منه سهمان ولصاحب السدس منه سهم يبقى ثلاثة من تسعة للورثة وسهام الخمسمائة ستون للموصى له بالثلث عشرة وللموصى له بالسدس خمسة يبقى للورثة من ذلك خمسة وأربعون فجملة ما سلم للورثة من المال ثمانية وأربعون ، وقد نفذت الوصية في أربعة وعشرين فاستقام الثلث .

قلت هذا واضح ولكنه غير مستقيم على طريق أهل الحساب ; لأن القسمة الواحدة مع تفاوت مقدار السهام لا تكون ، فإذا كان السيف وقيمته مائة على تسعة أسهم ، ثم تجعل كل مائة من الخمسمائة على ستة أسهم بين السهام تفاوت في المقدار فكيف تستقيم قسمة الكل بينهم بهذا الطريق قال هو كذلك ولكن صاحب المذهب نص على هذا الطريق وعليه خرج المسائل إلى آخر الباب تأمل في ذلك . تأملته فوجدته كما قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية