الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا حفر العبد بئرا في الطريق بغير إذن مولاه ثم قتل قتيلا خطأ فدفعه مولاه إلى ولي القتيل ثم وقع في البئر إنسان فمات فإن ولي القتيل بالخيار إن شاء دفع نصفه وإن شاء فداه بالدية لأن العبد صار جانيا على الواقع في البئر بالحفر السابق وباعتبار تلك الجناية يكون نصف قيمة حق ولي الواقع في البئر .

( ألا ترى ) أنه لو كان وقوع الواقع في البئر قبل أن يدفع بجنايته كان العبد بينهما نصفين ولأن المدفوع إليه بالجناية قد ملك جميعه لأنه حين دفعه إليه العبد ما كان لأحد سواه حق في العبد وبوقوع الواقع في البئر لا يتبين أن حق وليه كان تاما يومئذ وإنما [ ص: 49 ] يثبت مقصورا على الحال ولكن بذلك السبب فلا يبطل به ملك المدفوع إليه العبد بذلك في شيء من العبد ولكنه في الخيار يقوم مقام المولى باعتبار ملكه فإن شاء دفع إليه نصفه وإن شاء فداه بالدية ولو وقع في البئر أولا إنسان فمات فدفعه ثم قتل قتيلا خطأ فدفعه المدفوع إليه ثم وقع في البئر آخر فإن ولي القتيل يدفع ثلثه إلى الواقع في البئر آخرا أو يفديه بالدية لأن العبد في الحاصل قاتل ثلاثة نفر اثنان في البئر وواحد بيده وقد صار حصة صاحب البئر الأول للذي قتله بيده مع حصته وذلك ثلثان من العبد والثلث منه حق ولي الواقع في البئر آخرا وقد قام المدفوع إليه مقام المالك فيه فيتخير بين أن يدفع الثلث أو يفديه بالدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية