الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أوصى بثلثه لفلان وفلان أو بني فلان وفلان ، ثم مات الموصي فالمسألة على ثلاثة أوجه إما أن يموت أحدهما قبل موت الموصي أو بعد موته أو كان ميتا وقت الوصية أما إذا مات بعد موته ، فإنه يكون الثلث بين الحي والميت نصفين ولأن الموصي لما مات أولا ، فقد وجبت الوصية لهما ، فإذا مات أحدهما صار نصيبه لورثته ، وإن مات أحدهما قبل موته صار نصف الثلث للحي ونصفه مردودا إلى ورثة الموصي ; لأنه مات قبل وجوب الوصية له ; لأن الوصية تملك بعد الموت ، وقد مات قبل الملك ، وإنما يكون للحي نصف الثلث ; لأن الإضافة إليهما كانت صحيحة وكان لكل واحد منهما نصف الثلث فلا يزاد حقه بموت الآخر فكان لورثة الموصي ، وأما إذا كان أحدهما ميتا وقت الوصية ، فإن كان الموصي قال بني فلان وفلان فللحي نصف الوصية ولا شيء لورثة الميت ; لأن كلمة بين كلمة تقسيم وتجزئة فصار كأنه أوصى لكل واحد منهما بنصف الثلث ، وإذا بطل نصيب الميت رجع إلى ورثة الموصي ولا يكون للحي إلا النصف ولو قال لفلان وفلان وأحدهما ميت فالوصية كلها للحي سواء علم بموته أو لم يعلم ويروى عن أبي يوسف أنه قال إن كان الموصي علم بموته فالثلث كله للحي ، وإن لم يعلم فللحي نصفه ; لأنه إذا لم يعلم بموته كان قصده تمليك نصف الثلث لكل واحد منهما فلا يثبت إلا ذلك بخلاف ما إذا علم بموته ; لأنه قصد صلة الحي منهما . وجه ظاهر الرواية أنه أضاف الوصية إلى اثنين أحدهما تصلح الإضافة إليه والآخر لا تصلح فبطلت الإضافة إلى من لا تصلح إليه الإضافة وتثبت إلى من تصلح الإضافة إليه .

( ألا ترى ) أنه لو قال ثلث مالي لفلان ولهذه الإسراء ولهذه الأسطوانة كان الثلث كله لفلان ولو قال ثلث مالي لفلان ولعقبه فالثلث كله لفلان ; لأن الإضافة إلى العقب فاسدة ; لأن عقبه من يعقبه ، فإذا كان هو حيا لا يكون له عقب ، وإذا بطلت الإضافة إلى العقب ثبت ثلث المال إليه . ولو قال ثلث مالي لفلان وللمساكين كان نصفه لفلان ونصفه للمساكين عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد ثلثه لفلان وثلثاه للمساكين بناء على ما ذكرنا أن عنده [ ص: 160 ] المساكين اسم جمع فيتناول الاثنين ، وعندهما اسم جنس فيقع على الأدنى ، وكذا لو قال ثلث مالي لفلان وللحج كان نصفه لفلان ونصفه للحج ; لأن الوصية للحج وصية لله - تعالى - فصار كأنه أوصى لاثنين ، وإذا قال حجوا عني حجة وأعتقوا عني نسمة ينفذ من الثلث ; لأن الوصية نفاذها من الثلث ، فإذا كان لا يسعها ينظر إن كانت الحجة حجة الإسلام بدئ بها ، وإن أخره الميت ; لأن حجة الإسلام أقوى من نسمة التطوع ويعلم أن إسقاط الفرض أهم إليه من غيره إلا أنه أخره ليقبل قلبه ، وإن كان حجه تطوعا وليس أحدهما بأولى من الآخر فيبدأ بما بدأ به الميت ; لأنه أهم عنده هذا إذا أوصى بعتق نسمة منه بغير عينها أما إذا كانت النسمة بعينها ، فإنهما يتحاصان في الثلث ; لأن الوصية بالعتق وصية للعبد إذا كان معينا والوصية بالحج وصية لله - تعالى - فصار بمنزلة وصيتين مختلفتين فيتحاصان بخلاف ما إذا كانت النسمة بغير عينها ; لأنهما وصيتان لله - تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية