أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
دلكت الشمس: غربت، وقيل: زالت، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت الشمس، فصلى بي الظهر"، واشتقاقه من [ ص: 542 ] الدلك، لأن الإنسان يدلك عينه عند النظر إليها، فإن كان الدلوك الزوال فالآية جامعة للصلوات الخمس، وإن كان الغروب فقد خرجت منها الظهر والعصر، والغسق: الظلمة، وهو وقت صلاة العشاء، "أتاني وقرآن الفجر : صلاة الفجر، سميت قرآنا وهو القراءة، لأنها ركن، كما سميت ركوعا وسجودا وقنوتا، وهي حجة على ابن علية والأصم في زعمهما أن القراءة ليست بركن، "مشهودا": يشهده ملائكة الليل والنهار، ينزل هؤلاء، ويصعد هؤلاء; فهو في آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار، أو يشهده الكثير من المصلين في العادة، أو من حقه أن يكون مشهودا بالجماعة الكثيرة، ويجوز أن يكون "وقرآن الفجر" حثا على طول لكونها مكثورا عليها، ليسمع الناس القرآن فيكثر الثواب; ولذلك كانت الفجر أطول الصلوات قراءة، القراءة في صلاة الفجر، ومن الليل : وعليك بعض الليل، فتهجد به : والتهجد: ترك الهجود للصلاة، ونحو: التأثم والتحرج، ويقال أيضا في النوم: تهجد، نافلة لك : عبادة زائدة لك على الصلوات الخمس، وضع نافلة موضع تهجدا; لأن التهجد عبادة زائدة، فكان التهجد والنافلة يجمعهما معنى واحد، والمعنى: أن التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة فريضة عليك خاصة دون غيرك، لأنه تطوع لهم، مقاما محمودا : نصب على الظرف، أي: عسى أن يبعثك يوم القيامة فيقيمك مقاما محمودا، أو ضمن يبعثك معنى: يقيمك، ويجوز أن يكون حالا بمعنى: أن يبعثك ذا مقام محمود، ومعنى المقام المحمود: المقام الذي يحمده القائم فيه، وكل من رآه وعرفه، وهو مطلق في كل ما يجب الحمد من أنواع الكرامات، وقيل: [ ص: 543 ] المراد: الشفاعة، وهي نوع واحد مما يتناوله، وعن رضي الله عنهما: مقام يحمدك فيه الأولون والآخرون، وتشرف فيه على جميع الخلائق: تسأل فتعطى، وتشفع فتشفع، ليس أحد إلا تحت لوائك، وعن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أبي هريرة "هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي"، حذيفة يجمع الناس في صعيد واحد، فلا تتكلم نفس، فأول [ ص: 544 ] مدعو محمد -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "لبيك وسعديك والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، وعبدك بين يديك وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت"، قال: فهذا قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [الإسراء: 79]. وعن