[ ص: 354 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=30إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا
لما ذكر ما أعد للكافرين من الهوان ذكر أيضا
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30387ما للمؤمنين من الثواب . وفي الكلام إضمار ; أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا ، فأما من أحسن عملا من غير المؤمنين فعمله محبط . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب أن أعرابيا قام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال : إني رجل مسلم فأخبرني عن هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=30إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية ; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، وأسنده
النحاس في كتاب معاني القرآن ، قال : حدثنا
أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال حدثنا
محمد بن حميد قال حدثنا
يحيى بن الضريس عن
زهير بن معاوية عن
أبي إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب قال : قام أعرابي . . . ; فذكره . وأسنده
السهيلي في كتاب الأعلام . وقد روينا جميع ذلك بالإجازة ، والحمد لله . وعملا نصب على التمييز ، وإن شئت بإيقاع أحسن عليه . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=30إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا كلام معترض ، والخبر قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31أولئك لهم جنات عدن .
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31أولئك لهم جنات عدن سرة الجنة ، أي وسطها وسائر الجنات محدقة بها وذكرت بلفظ الجمع لسعتها ; لأن كل بقعة منها تصلح أن تكون جنة وقيل : العدن الإقامة ، يقال : عدن بالمكان إذا أقام به وعدنت البلد توطنته وعدنت الإبل بمكان كذا لزمته فلم تبرح منه ; ومنه جنات عدن أي جنات إقامة ومنه سمي المعدن ( بكسر الدال ; لأن الناس يقيمون فيه بالصيف والشتاء ومركز كل شيء معدنه والعادن : الناقة المقيمة في المرعى . وعدن بلد ; قاله الجوهري .
تجري من تحتهم الأنهار أي من تحت أشجارهم ومنازلهم ; ومنه قوله
فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51وهذه الأنهار تجري من تحتي .
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31يحلون فيها من أساور من ذهب وهو جمع سوار . قال
سعيد بن جبير : على كل واحد منهم ثلاثة أسورة : واحد من ذهب ، وواحد من ورق ، وواحد من لؤلؤ .
قلت : هذا منصوص في القرآن ، قال هنا من ذهب وقال في الحج وفاطر
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=23من ذهب ولؤلؤا وفي الإنسان
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15من فضة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500171تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء خرجه
مسلم . وحكى
الفراء : " يحلون " بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام خفيفة ; يقال : حليت المرأة تحلى فهي حالية إذا لبست الحلي . وحلي الشيء بعيني يحلى ; ذكره
النحاس . والسوار سوار المرأة ، والجمع أسورة ، وجمع الجمع أساورة . وقرئ " فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب " وقد يكون الجمع
[ ص: 355 ] أساور . وقال الله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31يحلون فيها من أساور من ذهب قاله
الجوهري . وقال
ابن عزيز : أساور جمع أسورة ، وأسورة جمع سوار وسوار ، وهو الذي يلبس في الذراع من ذهب ، فإن كان من فضة فهو قلب وجمعه قلبة ; فإن كان من قرن أو عاج فهي مسكة وجمعه مسك . قال
النحاس : وحكى
قطرب في واحد الأساور إسوار ،
وقطرب صاحب شذوذ ، قد تركه
يعقوب وغيره فلم يذكره .
قلت : قد جاء في الصحاح وقال
أبو عمرو بن العلاء : واحدها إسوار . وقال المفسرون : لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور والتيجان جعل الله - تعالى - ذلك لأهل الجنة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق السندس : الرقيق النحيف ، واحده سندسة ; قال
الكسائي . والإستبرق : ما ثخن منه - عن
عكرمة - وهو الحرير . قال الشاعر :
تراهن يلبسن المشاعر مرة وإستبرق الديباج طورا لباسها
فالإستبرق الديباج .
ابن بحر : المنسوج بالذهب . القتبي : فارسي معرب .
الجوهري : وتصغيره أبيرق . وقيل : هو استفعل من البريق . والصحيح أنه وفاق بين اللغتين ; إذ ليس في القرآن ما ليس من لغة العرب ، على ما تقدم ، والله أعلم .
وخص الأخضر بالذكر لأنه الموافق للبصر ; لأن البياض يبدد النظر ويؤلم ، والسواد يذم ، والخضرة بين البياض والسواد ، وذلك يجمع الشعاع . والله أعلم . روى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839835بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، أخبرنا عن ثياب الجنة ، أخلق يخلق أم نسج ينسج ؟ فضحك بعض القوم . فقال لهم : مم تضحكون من جاهل يسأل عالما فجلس يسيرا أو قليلا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أين السائل عن ثياب الجنة ؟ فقال : ها هو ذا يا رسول الله ; قال لا بل تشقق عنها ثمر الجنة قالها ثلاثا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : دار المؤمن درة مجوفة في وسطها شجرة تنبت الحلل ويأخذ بأصبعه أو قال بأصبعيه سبعين حلة منظمة بالدر والمرجان . ذكره
يحيى بن سلام في تفسيره
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك في رقائقه . وقد ذكرنا إسناده في كتاب التذكرة . وذكر في الحديث
أنه يكون على كل واحد منهم الحلة لها وجهان لكل وجه لون ، يتكلمان به بصوت يستحسنه سامعه ، يقول أحد [ ص: 356 ] الوجهين للآخر : أنا أكرم على ولي الله منك ، أنا ألي جسده وأنت لا تلي . ويقول الآخر : أنا أكرم على ولي الله منك ، أنا أبصر وجهه وأنت لا تبصر .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31متكئين فيها على الأرائك الأرائك جمع أريكة ، وهي السرر في الحجال . وقيل الفرش في الحجال ; قاله
الزجاج .
ابن عباس : هي الأسرة من ذهب ، وهي مكللة بالدر والياقوت عليها الحجال ، الأريكة ما بين
صنعاء إلى
أيلة وما بين
عدن إلى
الجابية . وأصل متكئين موتكئين ، وكذلك اتكأ أصله اوتكأ ، وأصل التكأة وكأة ; ومنه التوكؤ للتحامل على الشيء ، فقلبت الواو تاء وأدغمت . ورجل وكأة كثير الاتكاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31نعم الثواب وحسنت مرتفقا يعني الجنات ، عكس
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29وساءت مرتفقا . وقد تقدم . ولو كان " نعمت " لجاز لأنه اسم للجنة . وعلى هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31وحسنت مرتفقا .