قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ما مكني فيه ربي خير : ما جعلني فيه مكينا من كثرة المال واليسار، خير مما تبذلون لي من الخراج، فلا حاجة بي إليه، كما قال سليمان صلوات الله عليه: فما آتاني الله خير مما آتاكم ، قرئ : بالإدغام وبفكه، فأعينوني بقوة : بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل، وبالآلات، "ردما": حاجزا حصينا موثقا، والردم: أكبر من السد، من قولهم: ثوب مردم، رقاع فوق رقاع، وقيل: حفر الأساس حتى بلغ الماء، وجعل الأساس من الصخر، والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد، بينهما الحطب والفحم حتى سد ما بين الجبلين إلى أعلاهما، ثم وضع المنافيخ حتى إذا صارت كالنار، صب النحاس المذاب على الحديد المحمي فاختلط والتصق بعضه ببعض وصار جبلا صلدا، وقيل: بعد ما بين السدين مائة فرسخ، وقرئ : "سوى"، و "سووي"، وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال: "قد رأيته"، والصدفان بفتحتين: جانبا الجبلين، لأنهما يتصادفان أي: يتقابلان، وقرئ : [ ص: 616 ] "الصدفين" بضمتين، و "الصدفين" بضمة وسكون، و"الصدفين" بفتحة وضمة، والقطر: النحاس المذاب لأنه يقطر، و"قطرا": منصوب بأفرغ، وتقديره: آتوني قطرا أفرغ عليه قطرا، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وقرئ : "قال ائتوني"، أي: جيئوني، أن رجلا أخبره به فقال: كيف رأيته ؟ قال: "كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء"، فما اسطاعوا : بحذف التاء للخفة; لأن التاء قريبة المخرج من الطاء، وقرئ : "فما اصطاعوا"، بقلب السين صادا، وأما من قرأ بإدغام التاء في الطاء، فملاق بين ساكنين على غير الحد، أن يظهروه : أي: يعلوه، أي: لا حيلة لهم فيه من صعود، لارتفاعه وانملاسه، ولا نقب لصلابته وثخانته.