قيل : سمي إدريس ؛ لكثرة دراسته كتاب الله -عز وجل- وكان اسمه أخنوخ ، وهو غير صحيح ؛ لأنه لو كان أفعيلا من الدرس لم يكن فيه إلا سبب واحد وهو العلمية ، فكان منصرفا ، فامتناعه من الصرف دليل العجمة ؛ وكذلك إبليس أعجمي ، وليس من الإبلاس كما يزعمون ، ولا يعقوب من العقب ، ولا إسرائيل بإسرال كما زعم ، ومن [ ص: 29 ] لم يحقق ولم يتدرب بالصناعة كثرت منه أمثال هذه الهنات . ويجوز أن يكون معنى ابن السكيت "إدريس " : في تلك اللغة قريبا من ذلك ، فحسبه الراوي مشتقا من الدرس ، المكان العلي : شرف النبوة والزلفى عند الله ، وقد أنزل الله عليه ثلاثين صحيفة ، وهو أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب ، وأول من خاط الثياب ولبسها ، وكانوا يلبسون الجلود ، وعن -رضي الله عنهما - : يرفعه إنه رفع إلى السماء الرابعة ، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنهما - : إلى السماء السادسة ، وعن ابن عباس -رضي الله عنه - : إلى الجنة لا شيء أعلى من الجنة ، وعن الحسن : أنه لما أنشد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر الذي آخره [من الطويل ] : النابغة الجعدي
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
[ ص: 30 ] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "إلى أين يا أبا ليلى!" قال : إلى الجنة .