الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : ومن كان حوله ؟ قلت : أشراف قومه قيل : كانوا خمسمائة رجل عليهم الأساور وكانت للملوك خاصة . فإن قلت : ذكر السماوات والأرض وما بينهما قد استوعب به الخلائق كلها ، ما معنى ذكرهم وذكر آبائهم بعد ذلك وذكر المشرق والمغرب ؟ قلت : قد عمم أولا ، ثم خصص من العام للبيان أنفسهم وآباءهم . لأن أقرب المنظور فيه من العاقل نفسه ومن ولد منه ، وما شاهد وعاين من الدلائل على الصانع ، والناقل من هيئة إلى هيئة وحال إلى حال من وقت ميلاده إلى وقت وفاته ، ثم خصص المشرق والمغرب ، لأن طلوع الشمس من أحد الخافقين وغروبها في الآخر على تقدير مستقيم في فصول السنة وحساب مستو من أظهر ما استدل به ؛ ولظهوره انتقل إلى الاحتجاج به خليل الله ، عن [ ص: 387 ] الاحتجاج بالإحياء والإماتة على نمروذ بن كنعان ، فبهت الذي كفر . وقرئ : "رب المشارق والمغارب " . الذي أرسل إليكم بفتح الهمزة . فإن قلت : كيف قال أولا إن كنتم موقنين وآخرا إن كنتم تعقلون ؟ قلت : لاين أولا ، فلما رأى منهم شدة الشكيمة في العناد وقلة الإصغاء إلى عرض الحجج خاشن وعارض : إن رسولكم لمجنون ، بقوله : إن كنتم تعقلون .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية