إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم
"يحلون" عن : من حليت المرأة فهي حال ، ابن عباس "ولؤلؤا " : بالنصب على : "ويؤتون لؤلؤا " ؛ كقوله : "وحورا عينا " ، و "لؤلؤا " : بقلب الهمزة الثانية واوا ، ولوليا ؛ بقلبهما واوين ، ثم بقلب الثانية ياء كأدل ، ولول كأدل فيمن جر ، ولولؤ ، وليليا ، بقلبهما ياءين ، عن : وهداهم الله وألهمهم أن يقولوا : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وهداهم إلى طريق الجنة ، يقال : فلان يحسن إلى الفقراء وينعش المضطهدين ، لا يراد حال ولا استقبال ؛ وإنما يراد استمرار وجود الإحسان منه والنعشة في جميع أزمنته وأوقاته ؛ ومنه قوله تعالى : ابن عباس ويصدون عن سبيل الله أي : الصدود منهم مستمر دائم ، "للناس" أي : الذين يقع عليهم اسم الناس من غير فرق بين حاضر وباد وتانئ وطارئ ومكي وآفاقي ، وقد استشهد به أصحاب قائلين : إن المراد أبي حنيفة بالمسجد الحرام : مكة ، على امتناع جواز بيع دور مكة وإجارتها ، وعند : لا يمتنع ذلك ، [ ص: 185 ] وقد حاور الشافعي ؛ فاحتج بقوله : إسحاق بن راهويه الذين أخرجوا من ديارهم [الحج : 40 ] ، وقال : أنسب الديار إلى مالكيها ، أو غير مالكيها ، واشترى -رضي الله تعالى عنه- دار السجن من مالكيه أو غير مالكيه ، "سوآء" بالنصب : قراءة عمر بن الخطاب حفص ، والباقون على الرفع ، ووجه النصب أنه ثاني مفعولي جعلناه ، أي : جعلناه مستويا ، العاكف فيه والباد : وفي القراءة بالرفع ، الجمعة مفعول ثان ، الإلحاد : العدول عن القصد ، وأصله : إلحاد الحافر ، وقوله : بإلحاد بظلم : حالان مترادفتان ، ومفعول " يرد " : متروك ليتناول كل متناول ، كأنه قال : ومن يرد فيه مرادا ما عادلا عن القصد ظالما ، نذقه من عذاب أليم يعني : أن الواجب على من كان فيه أن يضبط نفسه ويسلك طريق السداد والعدل في جميع ما يهم به ويقصده ، وقيل : : منع الناس عن عمارته ، وعن الإلحاد في الحرم : الاحتكار ، وعن سعيد بن جبير : قول الرجل في المبايعة : "لا والله ، وبلى والله " ، وعن عطاء أنه كان له فسطاطان ، أحدهما : في الحل ، والآخر : في الحرم ، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل ، فقيل له ، فقال : كنا نحدث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل : "لا والله ، وبلى والله " ، وقرئ : "يرد " : بفتح الياء من الورود ، ومعناه : من أتى فيه بإلحاد ظالما ، وعن عبد الله بن عمر : ومن يرد إلحاده بظلم ، أراد : إلحادا فيه ، فأضافه على الاتساع في الظرف ، كمكر الليل ، ومعناه : من يرد أن يلحد فيه ظالما ، وخبر إن : محذوف ؛ لدلالة جواب الشرط عليه ، تقديره : إن الذين كفروا ويصدون عن الحسن المسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم ، وكل من ارتكب فيه ذنبا فهو كذلك ، عن : الهمة في الحرم تكتب ذنبا . ابن مسعود