وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون
"بقدر " : بتقدير يسلمون معه من المضرة ، ويصلون إلى المنفعة ، أو بمقدار ما علمناه من حاجاتهم ومصالحهم ، فأسكناه في الأرض ؛ كقوله : فسلكه ينابيع في الأرض [الزمر : 21 ] ، وقيل : جعلناه ثابتا في الأرض ، وقيل : إنها خمسة أنهار : سيحون نهر الهند ، وجيحون : نهر بلخ ، ودجلة والفرات : نهرا العراق ، والنيل : نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة ، فاستودعها الجبال ، وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم ، وكما قدر على أنزاله فهو قادر على رفعه وإزالته ، وقوله : على ذهاب به : من أوقع النكرات وأحزها للمفصل ، والمعنى : على وجه من وجوه الذهاب به وطريق من طرقه ، وفيه إيذان باقتدار المذهب ، وأنه لا يتعايى عليه شيء إذا أراده ، وهو أبلغ في الإيعاد ؛ من قوله : قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين [الملك : 30 ] ، فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء ويقيدوها بالشكر الدائم ، ويخافوا نفارها إذا لم تشكر .