الذي عنده علم من الكتاب رجل كان عنده اسم الله الأعظم ، وهو يا حي يا قيوم ، وقيل : يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا أنت . وقيل : يا ذا الجلال والإكرام ، وعن -رضي الله عنه - : الله . والرحمن . وقيل : هو الحسن آصف بن برخيا كاتب سليمان عليه السلام ، وكان صديقا عالما . وقيل : اسمه أسطوم . وقيل : هو جبريل . وقيل : ملك أيد الله به سليمان . وقيل : هو سليمان نفسه ، كأنه استبطأ العفريت فقال له : أنا أريك ما هو أسرع مما تقول . وعن : بلغني أنه ابن لهيعة الخضر عليه السلام : علم من الكتاب : من الكتاب المنزل ، وهو علم الوحي والشرائع . وقيل : هو اللوح . والذي عنده علم منه : جبريل عليه السلام . وآتيك -في الموضعين- يجوز أن يكون فعلا واسم فاعل . الطرف : تحريكك أجفانك إذا نظرت ، فوضع موضع النظر ، ولما كان الناظر موصوفا بإرسال [ ص: 456 ] الطرف في نحو قوله [من الطويل ] :
وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا . . . لقلبك يوما أتعبتك المناظر
وصف برد الطرف ، ووصف الطرف بالارتداد . ومعنى قوله : قبل أن يرتد إليك طرفك أنك ترسل طرفك إلى شيء ، فقبل أن ترده أبصرت العرش بين يديك : ويروى أن آصف قال لسليمان عليه السلام : مد عينيك حتى ينتهي طرفك ، فمد عينيه فنظر نحو اليمين ودعا آصف فغار العرش في مكانه بمأرب ، ثم نبع عند مجلس سليمان عليه السلام بالشام بقدرة الله ، قبل أن يرد طرفه . ويجوز أن يكون هذا مثلا لاستقصار مدة المجيء به ، كما تقول لصاحبك : افعل كذا في لحظة ، وفي ردة طرف ، والتفت ترني ، وما أشبه ذلك : تريد السرعة . يشكر لنفسه لأنه يحط به عنها عبء الواجب ، ويصونها عن سمة الكفران ، وترتبط به النعمة ويستمد المزيد . وقيل : الشكر ، قيد للنعمة الموجودة . وصيد للنعمة المفقودة . وفي كلام بعض المتقدمين : إن كفران النعمة بوار ، وقلما أقشعت ناقرة فرجعت في نصابها ، فاستدع شاردها بالشكر ، واستدم راهنها بكرم الجوار ، واعلم أن سبوغ ستر الله متقلص عما قريب إذا أنت لم ترج لله وقارا "غني" عن الشكر "كريم" بالإنعام على من يكفر نعمته ، والذي قاله سليمان عليه السلام عند رؤية العرش شاكرا لربه ، جرى على شاكلة أبناء جنسه من أنبياء الله والمخلصين من عباده يتلقون النعمة القادمة بحسن الشكر ، كما يشيعون النعمة المودعة بجميل الصبر .