وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون
وعد الله مصدر مؤكد ، كقولك : لك علي ألف درهم عرفا ؛ لأن معناه : أعترف لك بها اعترافا ، ووعد الله ذلك وعدا ؛ لأن ما سبقه في معنى وعد . ذمهم الله عز وجل بأنهم عقلاء في أمور الدنيا ، بله في أمر الدين ، وذلك أنهم كانوا أصحاب تجارات ومكاسب . وعن . بلغ من حذق أحدهم أنه يأخذ الدرهم فينقره بأصبعه ، فيعلم أرديء هو أم جيد . وقوله : الحسن "يعلمون" بدل من قوله : لا يعلمون وفي هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه ، وجعله بحيث يقوم مقامه ويسد مسده ، ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا . وقوله : ظاهرا من الحياة [ ص: 566 ] الدنيا يفيد أن للدنيا ظاهرا وباطنا ، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها والتنعم بملاذها . وباطنها وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة : يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة . وفي تنكير الظاهر : أنهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا من جملة الظواهر . و " هم" الثانية يجوز أن يكون مبتدأ . و " غافلون" خبره ، والجملة خبر " هم" الأولى ، وأن يكون تكريرا للأولى ، و غافلون خبر الأولى . وأية كانت فذكرها مناد على أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرها ومعلمها ، وأنها منهم تنبع وإليهم ترجع .