ومن آياته قيام السماوات والأرض واستمساكهما بغير عمد "بأمره" أي بقوله : كونا قائمتين . والمراد بإقامته لهما إرادته لكونهما على صفة القيام دون الزوال . وقوله : إذا دعاكم بمنزلة قوله : يريكم ، في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى ، كأنه قال : ومن آياته قيام السماوات والأرض ، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة : يا أهل القبور اخرجوا . والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث ، كما يجيب الداعي المطاع مدعوه ، كما قال القائل [من الطويل ] :
[ ص: 574 ]
دعوت كليبا دعوة فكأنما . . . دعوت به ابن الطود أو هو أسرع
يريد بابن الطود : الصدى . أو الحجر إذا تدهدى ، وإنما عطف هذا على قيام السماوات والأرض بثم ، بيانا لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور ، قوموا ؛ فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر ، كما قال تعالى : ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [الزمر : 68 ] . قولك : دعوته من مكان كذا ، كما يجوز أن يكون مكانك يجوز أن يكون مكان صاحبك ، تقول : دعوت زيدا من أعلى الجبل فنزل علي ؛ ودعوته من أسفل الوادي فطلع إلي . فإن قلت : بم تعلق من الأرض أبالفعل أم بالمصدر ؟ قلت : هيهات ، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل . فإن قلت : ما الفرق بين إذا وإذا ؟ قلت : الأولى للشرط ، والثانية للمفاجأة ، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وقرئ : "تخرجون " ، بضم التاء وفتحها "قانتون" منقادون لوجود أفعاله فيهم لا يمتنعون عليه .