باب ( يسن لمحل صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك بمكة وبقربها ولمتمتع : حل ) من عمرته لحديث ( إحرام بحج في ثامن ذي الحجة وهو يوم التروية ) في جابر رواه صفة حجه صلى الله عليه وسلم ، وفيه { مسلم منى فأهلوا بالحج } سمي الثامن بذلك لأنهم كانوا يرتوون فيه الماء لما بعده ، أو لأن فلما كان يوم التروية توجهوا إلى إبراهيم أصبح يتروى فيه في أمر الرؤيا ( إلا من ) أي متمتعا ( لم يجد هديا وصام ) أي أراده ، فيستحب له أن يحرم ( في سابعه ) أي ذي الحجة ليصوم الثلاثة أيام في إحرام الحج
ويسن مكة أو قربها أن يكون إحرامه ( بعد فعل ما يفعله في إحرامه من الميقات ) من الغسل والتنظيف والتطيب في بدنه ، وتجرد من المخيط في إزار ورداء أبيضين نظيفين ونعلين . لمن أحرم من
( و ) بعد ( طواف وصلاة ركعتين ولا يطوف بعده ) أي إحرامه ( لوداعه ) نصا لعدم دخول وقته فلو طاف وسعى بعده لم يجزئه سعيه لحجه ( والأفضل ) أن يحرم من المسجد ( من تحت الميزاب ) وكان يستلم الركن ثم ينطلق مهلا بالحج ( وجاز وصح ) عطاء الحرم ) ولا دم عليه نصا ( ثم يخرج إلى إحرامه ( من خارج منى قبل الزوال ) ندبا ( فيصلي بها الظهر مع الإمام ، ثم ) يقيم بها ( إلى الفجر ) ويصلي مع الإمام لحديث [ ص: 579 ] { جابر منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس } وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
( فإذا طلعت الشمس ) يوم عرفة ( سار من منى فأقام بنمرة ) موضع بعرفة وهو جبل عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف ( إلى الزوال فيخطب بها الإمام أو نائبه خطبة قصيرة ، مفتتحة بالتكبير يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منها والمبيت بمزدلفة ) لحديث " حتى إذا { جابر عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها ، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس } ( ثم يجمع من يجوز له الجمع حتى المنفرد ) نصا ( بين الظهر والعصر ) لحديث جاء { جابر } وقال ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أذن ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا سالم يوم للحجاج بن يوسف عرفة " إن كنت تريد أن تصيب السنة فقصر الخطبة وعجل الصلاة فقال : صدق " رواه ابن عمر البخاري
( ثم يأتي عرفة وكلها موقف ) لقوله صلى الله عليه وسلم : { وعرفة كلها موقف } رواه فقد وقفت ههنا أبو داود ( إلا وابن ماجه بطن عرنة ) لحديث { عرفة موقف وارتفعوا عن بطن عرنة } رواه كل أبو داود فلا يجزئ وقوفه فيه لأنه ليس من وابن ماجه عرفة كمزدلفة ( وهي ) أي عرفة ( من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر وسن وقوفه ) أي الحاج بعرفة ( راكبا ) لفعله صلى الله عليه وسلم حيث وقف على راحلته ( بخلاف سائر المناسك ) فيفعلها غير راكب وتقدم حكم طواف وسعي راكبا وسن وقوفه ( مستقبل القبلة عند الصخرات وجبل الرحمة ) واسمه إلال على وزن هلال ويقال له : جبل الدعاء لقول عنه صلى الله عليه وسلم { جابر الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة } جعل بطن ناقته القصواء إلى
وقوله ( حبل المشاة ) أي طريقهم الذي يسلكونه في الرمل وقيل : أراد صفهم ومجتمعهم في مشيهم ، تشبيها بحبل الرمل ( ولا يشرع صعوده ) أي جبل الرحمة .
قال الشيخ تقي الدين : إجماعا ( ويرفع ) واقف بعرفة ( يديه ) ندبا ولا يجاوز بهما رأسه ( ويكثر الدعاء ) والاستغفار والتضرع وإظهار الضعف والافتقار ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة ويجتنب السجع ، ويكرر كل دعاء ثلاثا .
( و ) يكثر ( من قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء [ ص: 580 ] قدير اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا ويسر لي أمري ) لحديث { دعاء يوم أفضل الدعاء عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له } رواه مالك في الموطإ
وعن عن أبيه عن جده { عمرو بن شعيب عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم } رواه كان أكثر الترمذي وما في المتن مأثور عن رضي الله عنه ( ووقته ) أي الوقوف علي بعرفة ( من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر ) لقول : { جابر لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع قال : فقلت له : أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ؟ قال نعم أبو الزبير } وعن عروة بن مضرس الطائي قال : { بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة ، فقلت يا رسول الله ، إني جئت من جبلي طيئ أكللت راحلتي ، وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد أتم حجه ، وقضى تفثه } رواه الخمسة وصححه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم الترمذي ولفظه له
ورواه وقال : صحيح على شرط كافة أئمة الحديث ولأن ما قبل الزوال من يوم الحاكم عرفة فكان وقتا للوقوف كما بعد الزوال وتركه صلى الله عليه وسلم الوقوف فيه لا يمنع كونه وقتا له كما بعد العشاء وإنما وقف وقت الفضيلة ( فمن حصل لا مع سكر أو جنون أو إغماء ) ما لم يفيقوا بها ( فيه ) أي وقت الوقوف ( بعرفة ولو لحظة ) مختارا ( وهو ) أي الحاصل بعرفة لحظة ( أهل للحج ) بأن كان محرما به مسلما عاقلا ( ولو مارا ) بعرفة راجلا أو راكبا ( أو ) مر بها ( نائما أو جاهلا أنها عرفة صح حجه ) للخبر ، وكما لو علم بها وقوله في شرحه : المكلفين الأحرار وقوله حرا بالغا ليس بشرط لصحة الحج كما تقدم بل لإجزائه عن حجة الإسلام ( وعكسه ) أي الوقوف ( إحرام وطواف وسعي ) فلا يصير من حصل بالميقات محرما بلا نية لأن الإحرام هو النية كما سبق وكذا الطواف والسعي لا يصحان بلا نية وتقدم
( ومن عرفة ( نهارا ودفع قبل الغروب ولم يعد ) بعد الغروب من ليلة النحر إلى عرفة ( أو عاد إليها قبله ) أي الغروب ( ولم يقع ) أي الغروب ( وهو بها ) أي عرفة ( فعليه دم ) لتركه واجبا ، [ ص: 581 ] كالإحرام من الميقات فإن عاد إليها ليلة النحر فلا دم عليه لأنه أتى بالواجب ، وهو الوقوف في النهار والليل ، كمن تجاوز الميقات بلا إحرام ثم عاد إليه فأحرم منه ( بخلاف واقف ليلا فقط ) فلا دم عليه لحديث { وقف بها ) أي عرفات بليل فقد أدرك الحج } ولأنه لم يدرك جزءا من النهار فأشبه من منزله دون الميقات إذا أحرم منه من أدرك