ولو وطواف الركن فيه نظر أيضا ، والأقرب لكلامهم المنع [ ص: 293 ] ( ومن سعى بعد ) طواف ( قدوم لم يعده ) أي لا يستحب له إعادته بعد طواف الإفاضة ; لأنه لم يرد ، بل تكره إعادته كما قاله طاف للقدوم فهل له أن يسعى بعده بعض السعي ويكمله بعد الوقوف إذ هو بدعة ، لكن الأفضل تأخيره عن طواف الإفاضة كما أفتى به الشيخ أبو محمد الوالد رحمه الله تعالى قال : لأن لنا وجها باستحباب إعادته بعده . نعم يجب على نحو صبي بلغ بعرفة إعادته كما مر ، ولو أخره إلى ما بعد طواف الوداع لم يعتد بوداعه ; لأنه إنما يؤتى به بعد فراغ المناسك ولا فراغ قبل السعي ، ولا فرق في عدم الاعتداد بين أن يبلغ قبل سعيه مسافة القصر أو لا ; لأنه حيث بقي السعي فإحرامه باق ; لأنه ركن لم يحلل بدونه ولا يجبر بدم فلا يتصور أن يعتد بوداعه ، واعترص في المهمات قولهما لا يتصور وقوعه بعد طواف الوداع بتصوره بعده بأن يحرم من مكة بحج ثم يقصد الخروج لحاجة قبل الوقوف : أي إلى مسافة قصر لما يأتي فإنه يؤمر بطواف الوداع فإذا عاد كان له أن يسعى كما صرح به البندنيجي والعمراني ; لأن الموالاة بينهما ليست بشرط .
قال : وكذا لمن مكة إذا طاف للوداع لخروجه إلى منى أن يسعى بعده ا هـ . وفي نص أحرم بالحج من البويطي وكلام الخفاف ما يوافقه ، ومع ذلك فالمعتمد ما قاله في المجموع ردا عليهما من أن ظاهر كلام الأصحاب اختصاصه بما بعد القدوم والإفاضة ، وقولهما إن ذلك مذهب أي بحسب ما فهماه ، فلا يقال كيف يدفع بكلامه نقلهما الصريح ، وصوب الشافعي الإسنوي أيضا وقوعه بعد طواف نفل بأن يحرم المكي بالحج ثم يتنفل بطواف ثم يسعى بعده ، وقد جزم بالإجزاء في هذه المحب الطبري ، ويوافقه قول ابن الرفعة : اتفقوا على أن شرطه أن يقع بعد طواف ولو نفلا إلا طواف الوداع ، ويرده ما مر عن المجموع أيضا .