الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويضمن المحرم ومن بالحرم الصيد بمثله من النعم لا من نوعه لقوله تعالى { فجزاء مثل ما قتل من النعم } والمراد به ذلك تقريبا لا تحقيقا وفي الصورة لا في القيمة ، فيفدي الكبير والصغير والصحيح والمريض والسمين والهزيل والمعيب بمثله رعاية للمماثلة التي اقتضتها الآية ، وأيضا كما اعتبرت المماثلة الصورية عند اختلاف الأجناس فكذلك تعتبر عند اختلاف الأسنان والصفات ولو أعور يمين بيسار ، ولا يؤثر اختلاف نوع العيب ، ويجزئ الذكر عن الأنثى وعكسه والذكر أفضل ، وفي الحامل حامل ولا تذبح بل تقوم بمكة محل ذبحها ، ويتصدق بقيمتها طعاما أو يصوم عن كل مد يوما ، فإن ألقت جنينا ميتا وماتت فكقتل الحامل ، وإن عاشت ضمن نقصها أو حيا أو ماتا ضمنهما أو مات دونها وضمن نقصها وإذا تقرر أن مثل الصيد من النعم يعرف إما بنص أو بحكم عدلين من الصحابة فمن بعدهم واحتيج إلى بيان ما نقل إلينا من ذلك ( ففي ) إتلاف ( النعامة ) بفتح النون ذكرا كانت أو أنثى ( بدنة ) كما حكم به عمر وعلي وابن عباس ومعاوية فلا تجزئ بقرة ولا سبع شياه أو أكثر ; لأن جزاء الصيد تراعى فيه المماثلة كما مر .

                                                                                                                            ( وفي ) واحد من ( بقر الوحش و ) في واحد من ( حماره ) أي الوحش ( بقرة ) أي واحد من البقر ( و ) في ( الغزال عنز ) وهي أنثى المعز التي تم لها سنة ، والأولى أن يقال : وفي الظبي تيس إذ العنز إنما هو واجب الظبية : أي أصالة لكنهم جروا في التعبير بذلك على وفق الأثر الآتي ، وولد الظبية يسمى غزالا من ولادته إلى أن يقوى ويطلع قرناه ثم يسمى الذكر ظبيا والأنثى ظبية ، وهما اللذان واجبهما العنز على ما تقرر أما الغزال فواجبه إن كان ذكرا جدي أو جفر على ما يقتضيه جسم الصيد وإن كان أنثى فعناق أو جفرة ذلك لما صح أن عمر قضى في الكل بذلك إلا الوبر فروى الشافعي عن عطاء ومجاهد أنهما حكما فيه بشاة [ ص: 351 ] ( و ) في ( الأرنب عناق ) وهي أنثى المعز إذا قويت ما لم تبلغ سنة كما ذكره المصنف في تحريره وغيره ، وفي أصل الروضة أنها أنثى المعز من حين تولد حتى ترعى ( و ) في ( اليربوع ) أو الوبر بإسكان الموحدة ( جفرة ) وهي أنثى المعز إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها والذكر جفر ; لأنه جفر جنباه : أي عظما ، قال بعد تفسير العناق والجفرة بما ذكر : هذا معناهما لغة ، لكن يجب أن يكون المراد بالجفرة هنا ما دون العناق إذ الأرنب خير من اليربوع ا هـ .

                                                                                                                            وقضيته أن الواجب في اليربوع غير جفرة ; لأنها بمقتضى التفسير المذكور وإنما تكون بعد سن العناق وادعى أن ذلك مخالف للمنقول والدليل .

                                                                                                                            قال الوالد رحمه الله تعالى : الجفرة محمولة على ما دون العناق ، إذ المعول عليه في تفسيرها ما في المجموع والتحرير وغيرهما ، وفي الضبع كبش والثعلب شاة والضب وأم حبين جدي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا يؤثر اختلاف نوع العيب ) الأولى أن يقول اختلاف محله حيث اتحد نوعه . وعبارة المحلي حرمة عطفا على ما يجزئ : والمعيب بالمعيب إذا اتحد جنس العيب كالعور وإن كان عور أحدهما في اليمين والآخر في اليسار ، وإن اختلف كالعور والجرب فلا ( قوله : فكقتل الحامل ) أي فتضمن بحامل مثلها لكن لا تذبح ( قوله : أنهما حكما فيه بشاة ) ضعيف ويأتي قريبا أن فيه جلولاء فما نقل عن عطاء ومجاهد مذهبهما [ ص: 351 ] قوله : كما ذكره المصنف في تحريره وغيره ) منه المجموع ( قوله : وفي الضبع كبش ) عبارة حج : الضبع للذكر والأنثى عند جمع وللأنثى فقط عند الأكثرين ، وأما الذكر فضبعان بكسر فسكون .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 350 ] قوله : وإذا تقرر أن مثل الصيد من النعم يعرف إما بنص إلخ ) لم يتقدم له تقرير هذا وهو إنما سيأتي بعد وعذره أنه تابع للإمداد ، لكن ذاك قد تقدم له تقرير هذا في المتن ( قوله : ففي إتلاف النعامة إلخ ) مراده بالإتلاف هنا ما يشمل نحو التلف في اليد ( قوله : والأولى أن يقال وفي الظبي تيس إلخ ) هو تابع في هذا للإمداد لكن عبارة الإرشاد : وفي الظبي عنز ، وهي التي قال الإمداد عقبها : والأولى إلخ .

                                                                                                                            والحاصل أنه تابع في هذه السوادة بلفظها للإمداد مع أن بعضها غير مناسب هنا وبعضها غير صواب كما يعرف بالتأمل .

                                                                                                                            واعلم أن الأثر الذي أشار إليه بقوله وفق الأثر الآتي هو ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه أنه قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة ا هـ .

                                                                                                                            ثم إنه تابع في هذا التعبير للإمداد ، والصواب إسقاط قوله هنا في الكل أو تأخير الأثر عما سيأتي في كلام المصنف ( قوله وفي الظبي تيس ) أي أو عنز كما علم من جواز الأنثى عن الذكر وعكسه ، وكذا يقال فيما بعده ، وقد أشار إلى ذلك بقوله أصالة ، وإنما قال والأولى ولم يقل والصواب لاحتمال أن المصنف أراد بالغزال الظبية تجوزا ، ولو قال والأولى أن يقال وفي الظبي عنز لكان أنسب ، لكن عذره ما مر ( قوله : إلا الوبر ) هو تابع فيه للإمداد أيضا ، لكن الوبر مذكور في متن الإرشاد لا هنا ( قوله : بما [ ص: 351 ] ذكر ) يعني بما هنا في الجفرة وبما مر عن أصل الروضة في العناق أما على ما مر فيه عن التحرير وغيره فلا حاجة إلى هذا المراد




                                                                                                                            الخدمات العلمية