( وما لا نقل فيه ) من الصيد عن السلف ( يحكم بمثله ) من النعم ( عدلان ) لقوله تعالى { يحكم به ذوا عدل منكم } أي ولو ظاهرا أو بلا استبراء سنة فيما يظهر أو كانا قاتليه خطأ أو لاضطرار لا تعديا ، ويعتبر كونهما فقيهين بهذا الباب فطنين ، وما في المجموع أن استحباب الفقه محمول على زيادته ، ومقتضى قول الماوردي وغيره أن ذلك حكم فلا يجوز بقول من لا يجوز حكمه اشتراط ذكوريتهما وحريتهما وهو كذلك ، أما قاتلاه عدوانا مع العلم بالتحريم فلا يحكمان لفسقهما إلا إن تابا وأصلحا ، وهذا صريح في كون ذلك كبيرة ، ووجهه أنه ، فقول إتلاف حيوان محترم من غير ضرورة ولا فائدة القونوي الظاهر أنه ليس بفسق غير صحيح ، ولو حكم عدلان بالمثل وآخران بالقيمة أو بمثل آخر قدم من حكم بالمثل في الأولى ; لأن معهما زيادة علم بمعرفة دقيق الشبه ويخير في الثانية كما في اختلاف المفتين ، وعلم أنه لو حكم صحابي وسكت الباقون عمل به كما في الكفاية عن الأصحاب ; لأنه أولى من حكم عدلين .
وفي معناه قول كل مجتهد غير صحابي مع سكوت الباقين ( و ) وجب ( فيما لا مثل له ) مما لا نقل فيه كالجراد وبقية الطيور غير الحمام سواء أكان أكبر جثة منه أم أصغر أم مثله ( القيمة ) عملا بالأصل في المتقومات وقد حكمت الصحابة بها في الجراد ، أما ما لا مثل له مما فيه نقل وهو الحمام والمراد ما عب وهدر كالفواخت واليمام والقمري وكل ذي طوق ، سواء اتفقا ذكورة أم أنوثة أم اختلفا شاة من ضأن أو معز بحكم الصحابة ومستنده توقيف بلغهم وإلا فالقياس إيجاب القيمة ، ولو أتلف محرمان قارنان صيدا وجب عليهما جزاء واحد لاتحاد المتلف ، وإن تعددت أسباب الجزاء بتعدد الجماعة المتلفين ، وكونهم قارنين وكونه في الحرم كما يتحد [ ص: 352 ] تغليظ الدية وإن تعددت أسبابه ، بخلاف كفارة الآدمي فإنها تتعدد بتعدد القاتلين ; لأنها لا تتجزأ ، ولو قتله حلال ومحرم لزم المحرم نصف الجزاء فقط ، إذ شريك الحلال يلزمه بقسطه بحسب الرءوس ، وظاهر كلامهم أن التوزيع هنا على الرءوس في الجراحات والضربات ، ولا ينافيه ما يأتي في الجنايات في الضربات ; لأنها ثم يظهر تأثيرها فأمكن التوزيع عليها بخلافه هنا ، إذ الصيد ليس له سطح بدن تظهر فيه الضربات فاستوى فيه الجارح والضارب ، أو أتلف محرمان قارنان أحد امتناعي نعامة وجب ما نقص من قيمتها عليهما بل بعض الامتناع كذلك فيجب النقص لإجزاء كامل ، ولو جرح ظبيا واندمل جرحه بلا أزمان فنقص عشر قيمته فعليه عشر شاة شاة لا عشرة قيمتها ، فإن برئ ولا نقص فيه ، فالأرش بالنسبة إليه كالحكومة إليه بالنسبة للآدمي ، فيقدر الحاكم فيه شيئا باجتهاده مراعيا في الاجتهاد مقدار ما أصابه من الوجع ، وعليه في غير المثلي أرشه .
ولو أزمن صيدا لزمه جزاؤه كاملا ، فإن قتله محرم آخر فعلى القاتل جزاؤه مزمنا ، أو قتله المزمن قبل الاندمال فعليه جزاء واحد ، أو بعده فعليه جزاؤه مزمنا ، ولو لم يجب عليه غير الأرش ; لأن الأصل براءة ذمته عما زاد . جرح صيدا فغاب فوجده ميتا وشك أمات بجرحه أم بحادث
ومذبوح المحرم من الصيد ميتة فلا يحل له وإن تحلل ولا لغيره إن كان حلالا كصيد حرمي ذبحه حلال فيكون ميتة ; لأن كلا منهما ممنوع من الذبح لمعنى فيه كالمجوسي ، فإن كان المذبوح مملوكا لزمه أيضا القيمة لمالكه ، ولو كسر أحدهما بيض صيد أو قتل جرادا حرم عليه تغليظا كما نقله في البيض المصنف في مجموعه عن جمع والقطع به عن آخرين ، وقال بعده بأوراق : إنه الأصح ، وهو الأوجه دون الحلال ، [ ص: 353 ] إذ إباحة ذلك لا تتوقف على فعل بدليل حل ابتلاعه بدونه وإن قال هنا إن الأشهر الحرمة ، وللمحرم أكل صيد غير حرمي إن لم يدل أو يعن عليه ، فإن دل أو صيد له ولو بغير أمره وعلمه حرم عليه الأكل منه وأثم بالدلالة وبالأكل وإنما حرمت دلالته للحلال عليه مع أنها دلالة على مباح للحلال ; لأنها تعرض منه للصيد وإيذاء له وجناية عليه فدخلت في عموم التعرض الذي مر تحريمه بسائر أنواعه ، لكن لا جزاء عليه بدلالته ولا بإعانته ولا بأكله مما صيد له ; ولو أمسكه محرم حتى قتله حلال لزمه الجزاء ولا رجوع له به على القاتل أو محرم رجع كما مر .