1722 الأصل

[ 745 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أخبرني عبد الله بن مؤمل، [ ص: 472 ] عن [ابن] أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس من الطائف [في] جاريتين ضربت إحداهما الأخرى ولا شاهد عليهما، فكتب إلي أن احبسهما بعد صلاة العصر ثم اقرأ عليهما: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ففعلت فاعترفت .

التالي السابق

الشرح

الشَّرْحُ

التَّغْلِيظُ مَشْرُوعٌ فِي الْأَيْمَانِ الْجَارِيَةِ فِي الدَّعَاوَى تَوْكِيدًا لِلْأَمْرِ وَمُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ، وَلِلتَّغْلِيظِ وُجُوهٌ، مِنْهَا: التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ وَهُوَ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الْيَمِينَ إِلَى مَا بَعْدَ الْعَصْرِ; فَإِنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ حِينَئِذٍ أَشَدُّ عُقُوبَةً، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... وَذَكَرَ مِنْهُمْ: مَنْ حِلْفٍ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ: لَقَدْ أَعْطَى بِسِلْعَةِ كَذَا وَهُوَ كَاذِبٌ .

وَفَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ.

وَالْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّغْلِيظِ، وَكَأَنَّ الْجَارِيَتَيْنِ وَقَعَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إِحْدَاهُمَا إِجْهَاضٌ مِنْ ضَرْبٍ، وَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُحِيلُ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأُخْرَى.

وَقَوْلُهُ: فَفَعَلْتُ، فَاعْتَرَفَتْ، أَيِ: الْجَانِيَةُ مِنْهُمَا، وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِهَذَا الْأَثَرِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَقْرَأَ الْحَاكِمُ عَلَى الْحَالِفِ قَوْلَهُ تَعَالَى: [ ص: 473 ] إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا الْآيَةَ ، وَاسْتُحِبَّ التَّغْلِيظُ أَيْضًا بِإِحْضَارِ الْمُصْحَفِ وَوَضْعِهِ فِي حَجْرِ الْحَالِفِ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

تَمَّ الْجُزْءُ، وَيَتْلُوهُ فِي الَّذِي يَلِيهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى:

أَبَنَا الرَّبِيعُ أَبَنَا الشَّافِعِيُّ، أَبَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ، أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ... الْحَدِيثَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.

[ ص: 474 ]

[ ص: 475 ] الْجُزْءُ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ مُسْنَدِ إِمَامِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَابْنِ عَمِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ الْمُطَّلِبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ. بِشَرْحِ الْإِمَامِ الْكَبِيرِ السَّعِيدِ الْعَلَّامَةِ، خَاتَمِ الْمُجْتَهِدِينَ إِمَامِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ حُجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ أَبِي الْقَاسِمِ الرَّافِعِيِّ نَوَّرَ اللَّهُ ضَرِيحَهُ وَشَكَرَ سَعْيَهُ.

طَلَّقْتُ امْرَأَتِي الْبَتَّةَ، مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا، قَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ تَحْلِفُونَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ: وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ، فَانْتَهَى وَتَرُهُ إِلَى السَّحَرِ، قَرَأَ بِالنَّجْمِ فَسَجَدَ، أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا، إِذَا جَامَعَ أَحَدُنَا فَأَكْسَلَ، أَحَادِيثُ التَّيَمُّمٍ، أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، يَصُومُ عَاشُورَاءَ، رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إِلَى أَجَلٍ بِالشَّيْءِ، إِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا، نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا، مَا تَقُولُونَ فِي الشَّارِبِ وَالزَّانِي وَالسَّارِقِ، إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، بِئْرُ بُضَاعَةَ، نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، أَحَبَلْتِ فَقَالَتْ: نَعَمْ مِنْ مَرْعُوشٍ، سُئِلَ عَنِ الضَّبِّ، لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ، أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ، أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ، لَا تَمْنَعُوا [ ص: 476 ] إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ، إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ.

[ ص: 477 ]

الشرح

التغليظ مشروع في الأيمان الجارية في الدعاوى توكيدا للأمر ومبالغة في الزجر، وللتغليظ وجوه، منها: التغليظ بالزمان وهو بأن يؤخر اليمين إلى ما بعد العصر; فإن اليمين الفاجرة حينئذ أشد عقوبة، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم ... وذكر منهم: من حلف على يمين بعد صلاة العصر: لقد أعطى بسلعة كذا وهو كاذب .

وفسر قوله تعالى: تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله بصلاة العصر.

والأثر عن ابن عباس يدل على هذا التغليظ، وكأن الجاريتين وقع منهما أو من إحداهما إجهاض من ضرب، وكانت كل واحدة منهما تحيل الجناية على الأخرى.

وقوله: ففعلت، فاعترفت، أي: الجانية منهما، واستحب الشافعي لهذا الأثر ونحوه أن يقرأ الحاكم على الحالف قوله تعالى: [ ص: 473 ] إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية ، واستحب التغليظ أيضا بإحضار المصحف ووضعه في حجر الحالف، ويروى ذلك عن ابن الزبير - رضي الله عنه -.

تم الجزء، ويتلوه في الذي يليه بتوفيق الله تعالى:

أبنا الربيع أبنا الشافعي، أبنا محمد بن علي بن شافع، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد، أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته ... الحديث.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد الخلق محمد وآله أجمعين.

[ ص: 474 ]

[ ص: 475 ] الجزء الخامس عشر من مسند إمام أئمة المسلمين وابن عم رسول رب العالمين أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي رضي الله عنه وأرضاه. بشرح الإمام الكبير السعيد العلامة، خاتم المجتهدين إمام الملة والدين حجة الإسلام والمسلمين أبي القاسم الرافعي نور الله ضريحه وشكر سعيه.

طلقت امرأتي البتة، من حلف على منبري هذا، قال لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن تحلفون، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الصبح: والليل إذا عسعس ، فانتهى وتره إلى السحر، قرأ بالنجم فسجد، أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فصام حتى بلغ الكديد، أسر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا، إذا جامع أحدنا فأكسل، أحاديث التيمم، أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، يصوم عاشوراء، رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء، إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها، نهى عن أكل لحوم الضحايا، ما تقولون في الشارب والزاني والسارق، إن شرب الخمر فاجلدوه، بئر بضاعة، نهى عن الصلاة بعد العصر، أحبلت فقالت: نعم من مرعوش، سئل عن الضب، لا أزال أقاتل الناس، أخذ الجزية من المجوس، أقبلت راكبا على أتان، لا تمنعوا [ ص: 476 ] إماء الله مساجد الله، من جاء منكم الجمعة فليغتسل، إن كان ليكون علي الصوم من رمضان.

[ ص: 477 ]